وأمهات الأحكام الفرعية. ويترتب على ضياعه ضياع هذه الأمور كلها وتقويض الشريعة جميعًا. ولكونه قد تعبدنا الله بتلاوة لفظه في الصلاة وغيرها ولم يجز لنا أن نبدل حَرْفًا منه بحرف آخر.
فلكون القرآن مشتملاً على هذه الأمور الجليلة العظيمة الخطر اهتم الشارع بأمره أعظم اهتمام وأحاطه بعناية أجل إحاطة، فأثبته للناس إلى يوم الدين بجميع الطرق الممكنة التي يتأتى بها الإثبات قويها وضعيفها، جليلها وحقيرها. للمحافظة على لفظه ونظمه. وليتأكد عند الناس ثبوته تمام التأكيد. كما أنه قد حافظ على معناه بِالسُنَّةِ المُبَيِّنَةِ لَهُ الدافعة لعبث العابثين به.
ولما لم تكن السنة بهذه المثابة فلا ترتيب بين الأحاديث بعضها مع بعض. وليست بمعجزة ولم يتعبدنا الله بتلاوة لفظها. وأجاز لنا أن نغيره ما دامت المحافظة على المعنى متحققة. حيث إن المقصود من السُنَّةِ بيان الكتاب وشرح الأحكام.
وهذا المقصود يكفي فيه فهم المعنى والتأكد منه سواء أكان بنفس اللفظ الصادر عن رسول الله أم بغيره. ولما كان القرآن يغنينا في إثبات حجية سائر الأدلة وإثبات العقائد الدينية وأمهات الأحكام الفرعية، لما كان الأمر كذلك لم يعطها الشارع هذه العناية وهذا الاهتمام، واكتفى بقيام دليل واحد على ثبوتها، فإن اجتمعت الطرق كلها على ثبوت شيء منها فلا بأس.
هذا كله مع ملاحظة الفرق الشاسع بين حجم القرآن وحجم السنة التي من وظيفتها الشرح والبيان له. وعادة الشرح أن يكون أكبر حجما من المشروح. وما كان صغير الحجم أمكن في العادة نقله بجميع الطرق. بخلاف كبيره: فإنه من المتعذر تحصيل جميع الطرق فيه خصوصًا من أمة أمية كالعرب. وخصوصا إذا لاحظنا أن السنة قول أو فعل أو تقرير منه - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وليس من اللازم بل ولا من الممكن أن يجتمع معه - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في كل أحواله جمع من الصحابة يمكنهم الكتابة ويؤمن تواطؤهم على الكذب. فيؤدون كل ما يسمعون ويشاهدون إلى من بعدهم أو من غاب عنهم بجميع الطرق من تواتر لفظي وكتابة. بل قد يصدر قوله أو فعله أمام صحابي واحد