للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلم عليه شائع. فيكون المعنى: ولا تقف ما شككت فيه أو توهمته أو جهلته. وأيضًا يحتمل أن يكون المراد بقوله: {مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} ما يكون خلافه معلومًا لك. فلا يشمل الظن لأنه لا يعلم خلافه وإنما يتوهم.

وأما الآية الثانية فليس الذم فيها على اتباعهم الظن في بعض الأوقات , بل على انحصار حالهم في اتباع الظن وأنهم لا يتبعون علمًا ما. ولا شك أنه مذموم لأن فيه ترك ما هو معلوم قطعًا.

...

الحِكْمَةُ فِي أَمْرِهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكِتَابَةِ القُرْآنِ وَحْدَهُ:

فإن قال قائل: إذا كان أمر النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بكتابة القرآن ليس منشؤه حجيته ولا أن الكتابة مفيدة للقطع، فما الحكمة إذن في هذا الأمر؟ وما الحكمة في أنه لم يأمر بكتابة السُنَّةِ؟.

قلت: الحكمة في أمره بكتابة القرآن هي بيان ترتيب الآيات ووضع بعضها بجانب بعض، فإنه بالاتفاق بين العلماء توقيفي نزل به جبريل في آخر زمنه - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وقد كان القرآن ينزل من قبل نُجُومًا على حسب الوقائع. وبيان ترتيب السور، فإنه اَيْضًا توقيفي على الراجح، وزيادة التأكيد، فإنا لا ننكر أن الكتابة طريق من طرق الإثبات وهي وإن كانت أضعف من السماع - فضلاً عن التواتر اللفظي - إذا انضمت إلى ما هو أقوى منها في الإثبات زادته قوة على قوة.

وإنما احتيج إلى زيادة التأكيد في القرآن لكونه كتاب الله تعالى وأعظم معجزة لسيدنا محمد - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المبعوث إلى الخلق كافة إلى يوم القيامة. ولكونه المعجزة الباقية من بين سائر معجزاته إلى يوم الدين. لتكون للمتأخرين دليلاً ساطعًا على نبوته وبرهانًا قاطعًا على رسالته. ولكونه أساس الشريعة الإسلامية وإليه ترجع سائر الأدلة الشرعية في ثبوت اعتبارها في نظر الشارع. وثبتت به جميع العقائد الدينية التي لا بد منها

<<  <   >  >>