للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا ينطق عن الهوى - أفيسوغ لك ويمكنك أن تتصور ما لا يتصوره الطفل أن امتناع أو نهي صحابي واحد أو اثنين أو عدد من الصحابة - عن التحديث يكون دليلاً لك - صحيحًا معتبرًا في نظر الشارع - على عدم الحُجِّيَةِ في الوقت الذي تهدر فيه قول الرسول والإجماع ودلالة القرآن نفسه والأدلة الأخرى على الحُجِّيَةِ.

لا يجوز لك يا هذا أن تفعل ذلك، لأنه مخالف لقاعدتك من أن الإسلام هو القرآن وحده، كما هو مخالف لقاعدتنا من أن السُنَّةَ وإجماع الصحابة حُجَّتَانِ كالقرآن، وأن عمل الصحابي أو قوله ليس بحجة وأنه لو فرضنا أنه حجة فامتناعه ونهيه محتملان لأن يكونا لغير عدم الحُجِّيَةِ احتمالاً راجحًا على الاحتمال الذي ذهبت إليه. كما تدل عليه آثارهم المتقدمة وما سيأتي، وأنه لو فرضنا أنهما لا يحتملان إلا ما ذهبت إليه فهو معارض بما ثبت عن هؤلاء الممتنعين الناهين من تحدثهم بالسنة وعملهم بها وبما ثبت عن غيرهم وهم الأكثرون، بل بإجماعهم في الحقيقة، وبما ثبت عن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ونكون قد تساهلنا معك في التعبير بالتعارض، إذ لا يصح لنا نحن أن نقول بالتعارض بين قول صحابي وبين قول النبي والإجماع، فإنهما مقدمان عندنا ولو كرهت ذلك وكان هذا مما لا يرتضيه عقلك.

وحيث إن استدلالك لا ينطبق على قاعدتك ولا على قاعدتنا كان لغوا من الكلام، لا يصلح للاستدلال ولا للإلزام.

...

الأَسْبَابُ التِي حَمَلَتْهُمْ عَلَى الاِمْتِنَاعِ وَالنَّهْيِ:

ثم إنا سنبين لك الأسباب الحقيقية التي حملتهم على الامتناع والنهي، والتي تدل عليها آثارهم، حتى لا يكون هناك أدنى شبهة في كلامك. فنقول:

السبب الأول: أن بعض الآثار التي تمسكت بها إنما كانوا يمتنعون فيها أو ينهون عن الإكثار من التحديث، لا عن التحديث بالكلية. وذلك منهم خشية وقوع المكثر

<<  <   >  >>