والآثار في ذلك عن كثير من الصحابة كثيرة تفوت الحصر والعد. وقد سبق كثير منها في حُجِّيَّةَ السُنَّةِ. ومجموعها يفيدنا إفادة قطعية أنهم ما كانوا يمتنعون عن التحديث لذات التحديث. ولا لأن الحديث ليس بحجة في نظرهم. بل لبعض الموانع التي تطرأ. ويفيدنا اَيْضًا أن حُجِّيَّةَ السُنَّةِ متقررة في نفوسهم مجمعون عليها.
وهذا يحملنا على أن نبحث عن أسباب أخرى غير ما ذكر صاحب الشبهة تكون قد حملتهم في بعض الأحوال على الامتناع عن التحديث وعلى النهي عنه (وهذا ما سنبحثه بعد) إذ لا يصح بعد أن ثبت أمر النبي بالتبليغ والتحديث. وبعد ما ثبت من إجماعهم على حُجِّيَّةَ السُنَّةِ، وعلى حرصهم على امتثال ذلك الأمر. وبعد قيام الأدلة القاطعة على حُجِّيَّتِهَا - أن يتوهم أنهم إنما امتنعوا ونهوا لعدم حجيتها في نظرهم.
ولو فرضنا أن امتناعهم ونهيهم قد ثبت. وفرضنا كذلك دلالتهما على عدم الحُجِّيَةِ - أفيسوغ لك يا هذا الذي له رأس بين كتفيه وعقل في ذلك الرأس - يا من تذهب إلى أن الإسلام هو القرآن وحده وأنه لا دليل على الأحكام سواه ولو كان هذا الدليل قول أو عمل ذلك النبي الذي كان ينزل عليه الوحي من السماء وكان