للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلى هذا: فالذين نهاهم كانوا لا يحسنون الكتابة. فأما من كان يحسنها: فقد أذن له، كما حصل لعبد الله بن عمرو.

لكن يرد على هذا القول: أن العمدة - في ثبوت النهي - حديث أبي سعيد الخدري، والمتبادر منه: أنه أجاز كتابة القرآن لمن نهاه عن كتابة السنة

فلو كانت علة النهي خوف الخطأ في الكتابة، فكيف يجيز لهم كتابة القرآن؟ اللهم إلا أن يثبت خلاف هذا المتبادر.

...

ثُبُوتُ إِذْنِهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكِتَابَةِ السُنَّةِ:

ثم إنه مما يذهب بالشبهة ويقوضها من أساسها، ثبوت إذنه - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بكتابة السُنَّةِ:

لقد روى ابن عبد البر (١) مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، [أُقَيِّدُ] الْعِلْمَ؟»، قَالَ: «قَيِّدُوا الْعِلْمَ» قَالَ عَطَاءٌ: «وَمَا تَقْيِيدُ الْعِلْمِ؟»، قَالَ: [الْكِتَابُ] (*). وفي رواية أخرى (٢): فقال له: «يا رسول الله، وما تقييده؟ قال: الكتاب ". ورواه ابن قتيبة (٣) (اَيْضًا) من طريق ابن جريج، عن عطاء، والمراد من «الْعِلْمِ»: خصوص الحديث (٤).

وروى أحمد من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو أنه قال: " عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: كُنْتُ أَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ أَسْمَعُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيدُ (**) حِفْظَهُ،


(١) في " جامع بيان العلم ": ج ١ ص ٧٣.
(٢) ج ٢ ص ٢٧.
(٣) في " تأويل مختلف الحديث ": ص ٣٦٥.
(٤) ج ٢ ص ٢٧.

<<  <   >  >>