للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال: {وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ} (١)، وقال: {عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} (٢)، إلى آخر ما قال.

ثم قال: (٣) «البيان الرابع: كل ما سَنَّ رسول الله مما ليس فيه كتاب. وفيما كتبنا في كتابنا هذا - من ذكر ما مَنَّ الله به على العباد: من تعلم الكتاب والحكمة - دليل على أن الحكمة سُنَّةُ رسول الله، مع ما ذكرنا مما افترض الله على خلقه من طاعة رسوله وبين من موضعه الذي وضعه الله به من دينه - الدليل على أن البيان في الفرائض المنصوصة في كتاب الله من أحد هذه الوجوه:

(منها): ما أتى الكتاب على غاية البيان فيه، فلم يحتج مع التنزيل فيه إلى غيره.

(ومنها): ما أتى على غاية البيان في فرضه وافترض طاعة رسوله. فبين رسول الله عن الله: كيف فرضه وعلى من فرضه؟ ومتى؟ يزول بعضه ويثبت ويجب؟

(ومنها): ما بينه عن سنة نبيه بلا نص كتاب، وكل شيء منها بيان في كتاب الله، فكل من قبل عن الله فرائضه في كتابه: قبل عن رسول الله سننه بفرض الله طاعة رسوله على خلقه، وأن ينتهوا إلى حكمه، ومن قبل عن رسول الله فعن الله قبل لما افترض الله من طاعته. فيجمع القبول لما في كتاب الله ولسنة رسول الله القبول لكل واحد منهما عن الله، وإن تفرقت فروع الأسباب التي قبل بها عنهما. كما أحل وحرم وفرض وحد بأسباب متفرقة. كما شاء - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - {لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} (٤) [الأنبياء: ٢٣]. اهـ.

ومن هذا الكلام الأخير تعلم الجواب عما قاله الدكتور صدقي في مقاله (٥): «لم كان بعض الدين قرآنا والبعض الآخر حديثا؟ وما الحكمة في ذلك؟».


(١) [سورة آل عمران، الآية: ١٥٤].
(٢) [سورة الأعراف، الآية: ١٢٩].
(٣) ص ٣٢.
(٤) [سورة الأنبياء، الآية: ٢٣].
(٥) س ٩ ع ٧ ص ٥١٥.

<<  <   >  >>