للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذه الحكاية لا تصدر عن أدنى السُّوقة فِي حقِّ العلماء، فكيف استَباحَ هذا الذي يَزعُم الدِّين والتصوُّف أنْ يَحكِي ذلك ويشهره للعوام، ليس ذلك إلاَّ لأنَّ المِحنة القبيحة بسَماع الأوتار أخرجَتْه من حيِّز الصِّيانة إلى حيِّز الخِيانة، وعَنْ ساحة الأدب إلى هُون العطَب، ولِمَ لا وقد وقَع فِي حق كلِّ العلماء، وباءَ بسبب ذلك بالخسار والبَوار والعَمى؟ وكيف يستَجِيزُ بعد ذلك أنْ يقلد إمامَه مالكًا ويجعله الواسطة بينه وبين الله - تعالى - وهو قد ربَطَه الله؛ إذ هذه كلمة ذمٌّ لهم؟ وكيف ساغَ لهذا الرجل أنْ يحتجَّ على العُلَماء كلِّهم بكلام، مغنٍّ يضرب بالعُود بين يدي ظالم سبَّ العلماء كلهم لأجْل أنْ يرضيه ويُحسِّن له قبيحه! وكيف يُعقَل منه أنْ يقبل منه وصْف إبراهيم هذا بتلك الأوصاف العليَّة مع هذه المرتبة الدنيَّة؟! إذ غايته أنَّه مغنٍّ عوَّاد لظالم، فإنَّ هذا كلَّه بتقدير صِحَّة ذلك من إبراهيم هذا، وإلا فقد مَرَّ أنَّ هذا الرجل إنما يعتَمِد كذب ابن طاهر الخبيث ويظنُّه حجَّة؛ لأنَّ هَواه أعماه وأصمه حتى أنَّه لم يُفرِّق بين القبيح والحسن، بل لا يألف إلا القبيح؛ لأنَّه الموافق للهوى، وقوله: ونقل الإمام المازري عن عبدالله بن الحكم أنَّه مكروه [جوابه: أنَّه مكروهٌ] (١) كراهةَ تحريم، فإنَّ المجتهدين الذين هم مشايخُ ابن الحكم كالشافعي كثيرًا ما يُطلِقون الكراهة يريدون بها كراهةَ التحريم.


(١) سقط من (ز٢).

<<  <   >  >>