للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال النووي: " المبير: المهلك، وقولها في الكذاب: (فرأيناه) تعني به المختارَ بنَ أبي عبيد الثقفي، كان شديد الكذب، ومن أقبحه [أنه] ادعى أن جبريل - صلى الله عليه وسلم - يأتيه، واتفق العلماء على أن المراد بالكذاب هنا المختارُ بنُ أبي عبيد، وبالمبير الحجاجُ بنُ يوسف". (١)

ومن أخبار المختار الكذاب ما ينقله لنا التابعي رِفاعة بنُ شداد، حيث يقول: دخلت على المختار الثقفي ذات يوم، فقال: جئتني والله، ولقد قام جبريل عن هذا الكرسي.

يقول رِفاعة: فأهويت إلى قائم سيفي [أي ليقتله]، فذكرتُ حديثاً حدثناه عمرو بن الحَمِقِ - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إذا اطمأن الرجل إلى الرجل، ثم قتله بعدما اطمأن إليه؛ نُصب له يوم القيامة لواءُ غدر) قال رِفاعة: فكففتُ عنه. (٢)

وهكذا كان تنبؤ المختارِ الثقفيِ مُصدقاً لخبر أنبأ به النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الكاذب الذي يخرج في ثقيف، كما كان الحجاج هو الظالم الذي يكون من ثقيف، وهذا خبر وحي أخبره به ربه علام الغيوب.

ولن ينقطع هؤلاء الكذابون في التاريخ، فقد قال عليه الصلاة والسلام: ((يكون في آخر الزمان دجالون كذابون، يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم، فإياكم وإياهم، لا يضلونكم ولا يفتنونكم)). (٣)

ومن هؤلاء الدجالين الذين جاؤوا بالمنكر من القول؛ المتنبئ الكذاب ميرزا غلام أحمد القادياني الذي ظهر قبل قرن من الزمان في الهند، وردّ أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم ادعى النبوة.

وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ضلالة هذا الدعي فيما رواه عنه المقدام بنُ معدي كرب حيث قال - صلى الله عليه وسلم -: ((ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته


(١) شرح النووي على صحيح مسلم (١٦/ ١٠٠).
(٢) رواه الحاكم في مستدركه (٤/ ٣٩٤)، وابن ماجه ح (٢٦٨٨)، والطيالسي في مسنده ح (١٢٨٦)، وصحح ابن حجر في الفتح إسناد الطيالسي (٦/ ٧١٤)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه ح (٢١٧٧).
(٣) رواه مسلم في مقدمة صحيحه ح (٧).

<<  <   >  >>