للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذات يوم مرِض علي - رضي الله عنه - مرضاً شديداً، فزاره أبو سنان الدؤلي، فقال له: لقد تخوفنا عليك يا أمير المؤمنين في شكواك هذه.

فقال له علي: لكني والله ما تخوفتُ على نفسي منه، لأني سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - الصادقَ المصدوقَ يقول: ((إنك ستُضرب ضربةً ها هنا، وضربةً ها هنا - وأشار إلى صُدغَيه - فيسيل دمها حتى تختضب لحيتُك، ويكونَ صاحبها أشقاها، كما كان عاقر الناقة أشقى ثمود)). (١)

ولأجل هذا الحديث ما كان - رضي الله عنه - يخاف على نفسه الهلكة في مرضه، فلسان حاله يردد ما قاله عبد الله بن رواحة - رضي الله عنه -:

وفينا رسول الله يتلو كتابَه ... إذا انشق معروف من الصبح ساطع

أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا ... به موقنات أن ما قال واقع

وتقبل فاطمة بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - تمشي، فيقول لها أبوها: ((مرحباً بابنتي) تقول أم المؤمنين عائشة: ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله، ثم أسرَّ إليهاً حديثاً، فبكت، ثم أسرَّ إليها حديثاً فضحكتْ.

فقلت لها: ما رأيتُ كاليوم فرحاً أقرب من حزن، فسألتُها عما قال؟ فقالت: ما كنت لأُفشي سِرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

فلما قُبِض النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - سألتُها، فقالت: أسرَّ إلي: ((إن جبريل كان يعارضني القرآن كلَ سنة مرة، وإنه عارضني العام مرتين، ولا أراه إلا حضر أجلي، وإنك أولُ أهلِ بيتي لحاقاً بي، فبكيتُ، فقال - صلى الله عليه وسلم -: أما ترضَينَ أن تكوني سيدةَ نساء أهل الجنة أو نساءِ المؤمنين))، فضحكتُ لذلك. (٢)


(١) رواه الحاكم (٣/ ١٢٢)، والطبراني في الكبير ح (١٧٣). قال الهيثمي: إسناده حسن. مجمع الزوائد (٩/ ١٨٨).
(٢) رواه البخاري ح (٣٦٢٤)، ومسلم ح (٢٤٥٠).

<<  <   >  >>