للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي رواية أخرى أنها قالت: (فأخبرني أنه يُقبض في وجعه الذي توفي فيه؛ فبكيت، ثم سارَّني، فأخبرني أني أولُ أهلِ بيته أتبعُه؛ فضحكت). (١)

وفي هذا الحديث يخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بثلاث غيوب، أولُها: اقترابُ أجله، وقد مات عليه الصلاة والسلام في تلك السنة.

وثانيها: إخبارُه ببقاء فاطمة بعده، وأنها أولُ أهل بيته وفاة. وقد توفيت بعده - صلى الله عليه وسلم - بستة أشهر فقط، فكانت أولَ أهل بيته وفاة.

وثالثها: أنها سيدةُ نساء أهل الجنة، رضي الله عنها.

قال النووي: " هذه معجزة ظاهرة له - صلى الله عليه وسلم - , بل معجزتان , فأخبر ببقائها بعده , وبأنها أول أهله لحاقاً به, ووقع كذلك , وضحكت سروراً بسرعة لحاقها". (٢)

وأيضاً، من دلائل نبوته وأعلام صدقه - صلى الله عليه وسلم -؛ إخبارُه أمَ المؤمنين ميمونةَ أنها لا تموت في مكة، فقد مرضت ميمونة في مكة، واشتد عليها المرض، فقالت لمن عندَها: أخرجوني من مكة، فإني لا أموتُ بها، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبرني أني لا أموت بمكة.

فحملوها حتى أتوا بها سَرِف، إلى الشجرة التي بنى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحتها في موضع الفَيئة. (٣) فماتت هناك ودفنت، وقبرها معروف اليوم في ضاحية النوارية بمكة، فكانت وفاتُها خارجاً عن مكة، كما أخبر الذي لا ينطق عن الهوى.

ومن هؤلاء الذين تحدث النبي - صلى الله عليه وسلم - عن وفاتهم، سِبطُه الحسين بن علي ريحانة أهل الجنة، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لإحدى أزواجه: ((لقد دخل علي البيت ملَك لم يدخل عليَّ قبلًها فقال لي: إن ابنك هذا حسين مقتول، وإن شئت أريتُك من تربة الأرض التي يقتل بها. قال: فأخرج تربة حمراء)). (٤)


(١) رواه البخاري ح (٣٦٢٦)، ومسلم ح (٢٤٥٠).
(٢) شرح النووي (١٦/ ٥).
(٣) رواه أبو يعلى ح (٧١١٠)، والبخاري في التاريخ الكبير ح (٣٧٩). قال الهيثمي: "رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح" مجمع الزوائد (٩/ ٤٠١).
(٤) رواه أحمد في المسند ح (٢٥٩٨٥)، والحاكم (٣/ ١٩٤)، ووافقه الذهبي على تصحيحه، وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح. مجمع الزوائد (٩/ ٣٠١)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ح (٨٨٢).

<<  <   >  >>