للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أهل الوادي؛ تخلفوا معك، فلم يزل به أبو جهل، حتى قال: أما إذ غلبتني، فوالله لأشترين أجود بعير بمكة.

ثم قال أمية: يا أم صفوان، جهزيني. فقالت له: يا أبا صفوان، وقد نسيتَ ما قال لك أخوك اليثربي!؟ قال: لا، ما أريد أن أجوز معهم إلا قريباً.

فلما خرج أميةُ أخذ لا ينزل منزلاً إلا عَقَل بعيرَه، فلم يزل بذلك، حتى قتله الله عز وجل ببدر". (١)

والعجب كل العجب من يقين أمية بتحقق موعده - صلى الله عليه وسلم - وفَرَقِه من ذلك، لكن أنى له أن يُكذِّبَ الصادقَ الأمين الذي مازالوا منذ شبابه يشهدون له بالصدق {فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون} (الأنعام: ٣٣).

ومن أخبار الغيوب الدالة على نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ إخباره بسوء خاتمة بعض من يظن أنهم يموتون على الإسلام أو قد يدخلون فيه، فقد تنبأ النبي - صلى الله عليه وسلم - بهلاك عمه أبي لهب وزوجِه على الكفر، حين أخبر - فيما نقله عن ربه - ببقائهما على الكفر وهلاكهما على ذلك، قال تعالى: {تبت يدا أبي لهب وتب - ما أغنى عنه ماله وما كسب - سيصلى ناراً ذات لهب - وامرأته حمالة الحطب - في جيدها حبل من مسد} (المسد: ١ - ٥)، فكيف جزم النبي - صلى الله عليه وسلم - بضلال عمه، وهو أقرب الناس إليه، ومَظِنة الميل إليه؟ هل كان ذلك إلا بإعلام الله له.

قال ابن كثير: " قال العلماء: وفي هذه السورة معجزة ظاهرة ودليل واضح على النبوة فإنه منذ نزل قوله تعالى: {سيصلى ناراً ذات لهب - وامرأته حمالة الحطب - في جيدها حبل من مسد} فأخبر عنهما بالشقاء وعدم الإيمان، لم يُقيَضْ لهما أن يؤمنا، ولا واحدٌ منهما، لا باطناً ولا ظاهراً، لا مُسِراً ولا معلناً، فكان هذا من أقوى الأدلة الباهرة الباطنة على النبوة الظاهرة". (٢)


(١) رواه البخاري ح (٣٩٥٠).
(٢) تفسير القرآن العظيم (٤/ ٣٦٦).

<<  <   >  >>