للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن دلائل نبوته - صلى الله عليه وسلم - إخبارُه عن موت النجاشي في أرض الحبشة في يوم وفاته، وهذا خبر تحمله الركبان يومذاك في شهر، يقول أبو هريرة - رضي الله عنه -: (نعى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النجاشي في اليوم الذي مات فيه، خرج إلى المصلى، فصف بهم، وكبر أربعاً). (١)

قال المباركفوري: "وفيه عَلمٌ من أعلام النبوة لأنه - صلى الله عليه وسلم - أعلمهم بموته في اليوم الذي مات فيه، مع بُعدِ ما بين أرض الحبشة والمدينة". (٢)

وفي اليوم السابق ليوم بدر، تفقد رسول الله أرض المعركة المرتقبة، وجعل يشير إلى مواضع مقتل المشركين فيها، ويقول: ((هذا مصرع فلان)).

قال أنس: ويضع يده على الأرض هاهنا هاهنا. فما ماطَ أحدهم عن موضع يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (٣)

وهذا الحديث من أعلام النّبوّة ومعجزاتها، وذلك لإنبائه - صلى الله عليه وسلم - بمصرع جبابرتهم , وتحديده أماكنَه، وقد وقع كما أخبر - صلى الله عليه وسلم -.

وأخبر - صلى الله عليه وسلم - بقتل المسلمين لأمية بن خلف، وتفصيل ذلك أن سعد بن معاذ كان صديقاً لأمية، وكان أمية إذا مر بالمدينة نزل على سعد، وكان سعد إذا مرَّ بمكة نزل على أمية، فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة؛ انطلق سعد معتمراً، فنزل على أمية بمكة ... فقال سعد: يا أمية، فوالله لقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إنهم قاتلوك)).

فقال أمية: بمكة؟ قال سعد: لا أدري. ففزع لذلك أمية فزعاً شديداً.

فلما رجع أمية إلى أهله قال: يا أم صفوان، ألم تري ما قال لي سعد؟ قالت: وما قال لك؟ قال: زعم أن محمداً أخبرهم أنهم قاتلي، فقلتُ له: بمكة؟ قال: لا أدري. فقال أمية: والله لا أخرج من مكة.

فلما كان يومُ بدر؛ استنفر أبو جهلٍ الناسَ، قال: أدركوا عِيرَكم، فكره أمية أن يخرج، فأتاه أبو جهل فقال: يا أبا صفوان، إنك متى ما يراك الناس قد تخلفْتَ وأنت سيد


(١) رواه البخاري ح (١٢٥٤).
(٢) تحفة الأحوذي (٤/ ١١٥).
(٣) رواه مسلم ح (١٧٧٩).

<<  <   >  >>