للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال له من حضره من أصحابه: يا رسول الله، ادع الله أن يفتحها علينا .. فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك.

((ثم ضربتُ الضربة الثانية، فرُفعت لي مدائن قيصر وما حولها حتى رأيتها بعينيّ)). قالوا: يا رسول الله ادع الله أن يفتحها علينا .. فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك.

((ثم ضربت الثالثة فرفعت لي مدائن الحبشة وما حولها من القرى حتى رأيتها بعيني)).

وقبل أن يطلب الصحابة منه الدعاء لهم بفتحها؛ بادرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقول: ((دعوا الحبشة ما ودعوكم، واتركوا الترك ما تركوكم)). (١)

وقد أطلع الله نبيه على ما يكون من أخبار الحبشة والترك، وما تحدثه حروبهم من النكال بالمسلمين، فكره قتالهم، وأوصى باجتنابهم.

أما الحبشة فإنهم يهدمون الكعبة في آخر الزمان، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة)). (٢)

وأما الترك فمنهم التتار الذين استباحوا بغداد، وقتلوا فيها ما يربو على مليونين من المسلمين عام ٦٥٨هـ.

قال ابن كثير: "وفي هذه السنة [٦٤٣هـ] كانت وقعة عظيمة بين جيش الخليفة وبين التتار لعنهم الله، فكسرهم المسلمون كسرة عظيمة، وفرقوا شملهم، وهزموا من بين أيديهم، فلم يلحقوهم، ولم يتبعوهم خوفاً من غائلة مكرهم، وعملاً بقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((اتركوا الترك ما تركوكم)) ". (٣)

وعلل بعض أهل العلم الأمر بترك قتالهم بأنه "لأن بلاد الحبشة وغيرهم، بين المسلمين وبينهم مهامِهُ وقِفار، فلم يكلِّف المسلمين دخول ديارهم لكثرة التعب وعظمة


(١) رواه النسائي ح (٣١٧٦)، وأبو داود ح (٤٣٠٢)، وحسنه الألباني في صحيح النسائي ح (٢٩٧٦).
(٢) رواه البخاري ح (١٥٩١)، ومسلم ح (٢٩٠٩).
(٣) البداية والنهاية (١٣/ ١٦٨).

<<  <   >  >>