للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن من أشراط الساعة أن يسلّم الرجل على الرجل، لا يُسلم عليه إلا للمعرفة)). (١)

وفي رواية أخرى أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن بين يدي الساعة تسليم الخاصة، وفُشُوَّ التجارة، حتى تعين المرأة زوجها على التجارة، وقطع الأرحام، وشهادة الزور، وكتمان شهادة الحق، وظهور القلم)). (٢)

وهكذا فإخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - عما يصنعه اليوم كثير من الناس، وهو تسليم المرء على خاصته من أقرباء وأصدقاء دون بقية المسلمين الذين لا يعرفهم، هذا الإخبار منه - صلى الله عليه وسلم - علامة على نبوته، لأنه إخبار بغيب لا يعلمه إلا الله أو من أطلعه الله عليه.

وقد تضمن الحديث السالف أموراً أخرى كثرت في دنيا الناس، وبخاصة قطع الأرحام وشهادة الزور وكتمان الحق.

كما ذكر الحديث أمراً عجباً حين أخبر عن فشو التجارة ومشاركة المرأة زوجها فيها، وهو ما يكثر في زماننا.

وأعجب منه قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((وظهور القلم))، أي تعلم الناس الكتابة، وهو أمر لم يتحقق إلا في هذا القرن، حيث تراجعت نِسب الأمية بين شعوب العالم، وهي في طريقها إلى الزوال، وبخاصة مع تيسر سبل التعليم وتقدم وسائط الاتصالات.

والسؤال، كيف عرف النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أربعة عشر قرناً أن الكتابة تفشو بين الناس، لقد أنبأ به في عصر كان عدد الكتبة فيه لا يكاد يتجاوز الألف. إنه عَلم آخر من أعلام النبوة.

ومن براهين النبوة المتعلقة بأشراط الساعة قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((من أشراط الساعة أن يتباهى الناس في المساجد)). (٣)


(١) رواه أحمد ح (٣٨٣٨)، وصحح إسناده الشيخ أحمد شاكر.
(٢) رواه أحمد ح (٣٨٦٠)، والبخاري في الأدب المفرد ح (١٠٤٩)، وصححه الحاكم (٤/ ١١٠)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ح (٦٤٧).
(٣) رواه النسائي ح (٦٨٩)، وأبو داود ح (٤٤٩)، وابن ماجه ح (٧٣٩)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود ح (٤٣٢).

<<  <   >  >>