للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقضي حاجته فاتبعته بإداوة من ماء، فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلم ير شيئاً يستتر به، فإذا شجرتان بشاطئ الوادي.

فانطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى إحداهما، فأخذ بغصن من أغصانها، فقال: ((انقادي عليَّ بإذن الله)) فانقادت معه كالبعير المخشوش [المربوط بالحبل] الذي يصانع قائده، حتى أتى الشجرة الأخرى، فأخذ بغصن من أغصانها، فقال: ((انقادي علي بإذن الله)) فانقادت معه كذلك، حتى إذا كان بالمنصف مما بينهما؛ لأم بينهما - يعني جمعهما - فقال: ((التئما عليّ بإذن الله)) فالتأمتا.

ثم يمضي جابر في حديثه ويخبرنا بعود الشجرتين إلى حالهما بعد قضاء النبي - صلى الله عليه وسلم - حاجته، يقول: فإذا أنا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقبلاً، وإذا الشجرتان قد افترقتا، فقامت كل واحدة منهما على ساق". (١)

قال الإمام أحمد: "في الحديث آيات من دلائل نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم - منها: انقلاع الشجرتين واجتماعهما، ثم افتراقهما". (٢)

وفي جنبات مكة ثبّت الله قلب حبيبه - صلى الله عليه وسلم - في مواجهة المحن بآية من هذا الجنس، فقد جاء جبريل عليه السلام إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو حزين قد خضب وجهه بالدماء، قد ضربه بعض أهل مكة، فقال: مالك؟ فقال: ((فعل بي هؤلاء، وفعلوا)) فقال جبريل: أتحب أن أريك آية؟ قال: ((نعم أرني)).

فنظر إلى شجرة من وراء الوادي، قال: ادع تلك الشجرة، فدعاها، فجاءت تمشي حتى قامت بين يديه، قال: قل لها: فلترجع، فقال لها، فرجعت، حتى عادت إلى مكانها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((حَسْبي)). (٣) إنه دليل آخر من براهين نبوته - صلى الله عليه وسلم -.

ومن معجزات الأنبياء ما أعطاه اللهُ داودَ عليه السلام، ذلك النبي الأواب الذي كان يسبح الله، فتجيبه الجبال الرواسي والطيور مسبحة الله تعالى معه {وسخرنا مع داود


(١) رواه مسلم ح (٣٠١٢).
(٢) دلائل النبوة لأبي القاسم الأصبهاني (١/ ٥٦).
(٣) رواه ابن ماجه ح (٤٠٢٨) , وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه ح (٣٢٧٠).

<<  <   >  >>