للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولله درُّ حسان بن ثابت - رضي الله عنه - وهو يقول:

من يُرجع العام إلى أهله ... فما أكيلُ السبعِ بالراجع

وقعد بُسر الأشجعي بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وجلس يأكل بشماله، فلما ذكّره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالأكل باليمين استكبر عن قبول الحق فقال: لا أستطيع، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا استطعت، ما منعه إلا الكبر))، فما رفعها إلى فيه (١). أي عاجلته استجابة الله، فشُلت يمينه للتو، بدعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه، جزاءَ استكباره عن قبول الحق والإذعان له.

وحاقت دعوتُه - صلى الله عليه وسلم - أيضاً بأعرابي دخل عليه النبي يَعُوده في مرضه، فقال - صلى الله عليه وسلم - مواسياً: ((لا بأسَ، طهور إن شاء الله) فأجاب الأعرابي بجواب ملؤه القنوط وسوء الظن بالله: قلتَ: طهور؟ كلاّ، بل هي حُمّى تفُور - أو تثور - على شيخ كبير، تُزيرُه القبور، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((فنَعَمْ إذاً)). (٢)

قال ابن حجر: "في بعض طرقه زيادة تقتضي إيراده في علامات النبوة، أخرجه الطبراني وغيره ... وفي آخره: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أما إذا أبيتَ فهي كما تقول، قضاءُ الله كائن)) فما أمسى من الغد إلا ميتاً". (٣)

وهكذا؛ فإن هذه الدعوات المجابة وأمثالها دليل على رضا الله عن نبيه وتأييده له، ولو كان يتقوّل على ربه النبوة والرسالة لخذله اللهُ وأهلكه: {ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل - لأخذنا منه باليمين - ثمّ لقطعنا منه الوتين - فما منكم من أحدٍ عنه حاجزين} (الحاقة:٤١ - ٤٧).


(١) رواه مسلم ح (٢٠٢١).
(٢) رواه البخاري ح (٥٦٥٦).
(٣) فتح الباري (٦/ ٧٢٢).

<<  <   >  >>