للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يجْحَد إحسانه فِيمَا ظهر لحيرة تقع فِيمَا يظنّ وَلَعَلَّ فِي غيب مَا منع مَا قد يَقع وَلكنه مَجْهُول وَهُوَ بتدبيره ملىء وعَلى مُوجب الْحِكْمَة مَاض بِغَيْر مدافعة وَلَا اعْتِرَاض. الْجَواب: قَالَ أَبُو عَليّ مسكويه - رَحمَه الله: أما قَول من قَالَ: إِن الله - تَعَالَى - عَم بالصنع خلقه وَلم يعمهم بالاصطناع فَكَلَام قد ذهب بِهِ مَذْهَب البلاغة وَمَعْنَاهُ صَحِيح لَوْلَا التَّكَلُّف الَّذِي تجشمه صَاحبه. وَهَذَا الْمَعْنى فِي قَول الْمَسِيح - عَلَيْهِ السَّلَام - أظهر وَذَاكَ أَنه روى لنا وَنقل من لغته إِلَى لعتنا أَنه قَالَ: (لَا تهمتوا وَلَا تَقولُوا مَا نَأْكُل وَمَا نشرب وَمَا نلبس فَإِن قدر الْحَاجة قد عَم بِهِ جَمِيع الْخلق وَإِنَّمَا يَلْتَمِسُونَ الفضول فِيهَا وَاعْلَمُوا أَن لَيْسَ كل من دَعَا إِلَى الله يرى وَجه الله بل من أكمل رضوانه بِالْعَمَلِ الصَّالح) . فَهَذَا قَول الْمَسِيح - عَلَيْهِ السَّلَام - على مَا نقل وروى. فَأَما تَفْسِير هَذَا الْكَلَام وَهُوَ تَبْيِين الْكَلَام الأول الَّذِي سَأَلت عَن مَعْنَاهُ فَإِن الصنع الْبَين الظَّاهِر لجَمِيع الْخلق هُوَ إعطاؤهم الْحَيَاة ثمَّ إزاحة الْعلَّة فِيمَا هُوَ ضَرُورِيّ فِي بَقَائِهَا وَذَلِكَ أَن بقاءها بالحرارة الغريزية وَبَقَاء الْحَرَارَة الغريزية بالترويح يخرج من مَعْدِنهَا الَّذِي هِيَ مُتَعَلقَة بِهِ - الدُّخان الَّذِي يحدث عَن الْحَرَارَة والرطوبة الدهنية وتبديل الْهَوَاء الْيَابِس بذلك الدُّخان بهواء آخر رطب سليم مُوَافق لمادة تِلْكَ الْحَرَارَة وَذَلِكَ بمنفاخ دَائِم الْعَمَل فِي شَبيه بكير الحدادين وَهُوَ الرئة وَآلَة النَّفس فِي جَمِيع مَاله قلب ومعدن لهَذِهِ الْحَرَارَة وَمَا يجرى مجْراهَا فِي الْحَيَوَانَات الْأُخْرَى الَّتِي لَا قلب لَهَا.

<<  <   >  >>