للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلَا بُد أَن يصير ذَلِك الْفِكر من جنس مَا دهمه أَعنِي أَنه يَقُول القافية ويصنف الرسَالَة فِي ذَلِك الْمَعْنى الَّذِي طَرَأَ عَلَيْهِ لَكِن يَسْتَعِين عَلَيْهِ بفكر كَأَن يتَصَرَّف فِي شعر آخر فَيردهُ إِلَى الأهم الَّذِي وَأما الَّذِي يذهل ويعله ويتحير فَهُوَ الَّذِي لم يكن قبل وُرُود ذَلِك الشّغل عَلَيْهِ مِمَّن لَا يرتاض بِشعر وَلَا ترسل وَلَا عَادَته أَن يلجأ إِلَى فكره ويستعمله فِي اسْتِخْرَاج الخبايا واللطائف فَإِذا طرقه عَارض يحْتَاج فِيهِ إِلَى فكر لم يجده وأصابه من الوله والدهش مَا ذكرت.

(مَسْأَلَة مَا بَال أَصْحَاب التَّوْحِيد لَا يخبرون عَن الْبَارِي إِلَّا بِنَفْي الصِّفَات)

فَقيل لَهُ: بَين قَوْلك وابسط فِيهِ إرادتك. قَالَ: إِن النَّاس فِي ذكر صِفَات الله - تَعَالَى - على طريقتين: فطائفة تَقول: لَا صِفَات لَهُ كالسمع وَالْعلم وَالْبَصَر والحياة وَالْقُدْرَة لكنه مَعَ نفي هَذِه الصِّفَات مَوْصُوف بِأَنَّهُ سميع بَصِير حَيّ قَادر عَالم. وَطَائِفَة قَالَت: هَذِه أَسمَاء لموصوف بِصِفَات هِيَ الْعلم وَالْقُدْرَة والحياة. وَلَا بُد من إِطْلَاقهَا وتحقيقها. ثمَّ إِن هَاتين الطَّائِفَتَيْنِ تطابقته على أَنه عَالم لَا كالعالمين وقادر لَا كالقادرين وَسميع لَا كالسامعين ومتكلم لَا كالمتكلمين. وَكَانَت الطائفتان فِي ظَاهر الرأى مثبتة نَافِيَة معطية آخذه إِلَّا أَن يبين مَا يزِيد على هَذَا.

<<  <   >  >>