وَإِنَّمَا يحب لِأَنَّهُ بِإِزَاءِ جَمِيع المطلوبات أَي بِهِ يتَوَصَّل إِلَى المحبوبات فَأَما فِي نَفسه فَهُوَ حجر لَا فرق بَينه وَبَين غَيره إِذا نزعت عَنهُ هَذِه الْخصْلَة الْوَاحِدَة. فَأَما الْكَرَامَة فقد تطلب لذاتها إِذا كَانَ الطَّالِب لَهَا من جِهَة الِاسْتِحْقَاق بالفضيلة وَذَلِكَ لما تحصل عَلَيْهِ النَّفس من الالتذاذ الروحاني وَالسُّرُور النفساني. وَإِن كَانَت من جِهَة النَّفس الغضبية فَإِن هَذِه النَّفس وَإِن كَانَت دون الناطقة فَإِنَّهَا فَوق النَّفس البهيمية الَّتِي تلتذ اللَّذَّات الْبَدَنِيَّة الَّتِي تشارك فِيهَا النَّبَات والخسيس من الْحَيَوَانَات. فَأَما قَوْلك: إِنَّك تَجِد محبي المَال أَكثر من محبي الْكَرَامَة فَكَذَا يجب أَن يكون لِأَن أَكثر النَّاس هم الَّذين يشبهون الْبَهَائِم وَإِنَّمَا يتَمَيَّز الْقَلِيل مِنْهُم بالفضائل. فَكَمَا أَن المتميزين بفضائل النَّفس الناطقة من الْقَلِيل فَكَذَلِك المتميزون بفضائل النَّفس الغضبية أقل من الْجُمْهُور.
(مَسْأَلَة مَا بَال خَاصَّة الْملك والدانين مِنْهُ والمقربين إِلَيْهِ لَا يجْرِي من ذكر الْملك على ألسنتهم مثل مَا يجْرِي على أَلْسِنَة الأباعد مِنْهُ)