علومهم الْإِدْرَاك الْحَقِيقِيّ وَهُوَ فِي غَايَة الْبعد من حقائق الْأُمُور وَقد سمى قوم أنفسهم الْمُسْتَحقّين وَأهل الْحق وَمَا أشبه ذَلِك فَكَانُوا فِيهِ مدعين بَاطِلا.
(مَسْأَلَة)
رَأَيْت رجلا يسْأَل شَيخا من أهل الْحِكْمَة فَقَالَ لَهُ: الْعَرَب تؤنث الشَّمْس وتذكر الْقَمَر فَمَا الْعلَّة فِي ذَلِك وأى معنى عنوا بِهَذَا الإطباق فَإِنَّهُ إِن خلا من الْعلَّة جرى مجْرى الِاصْطِلَاح على غير غَرَض مَقْصُود. فَلم يُورد ذَلِك الشَّيْخ شَيْئا وَلِهَذَا لم أُسَمِّهِ فَإِن فِي ذكره مَعَ إِظْهَار عَجزه تعريضاً بِهِ وتحقيراً لشأنه وَمَا يسْتَحق بِهَذَا الْيَسِير ان يجْحَد مَا يُصِيب فِيهِ الصَّوَاب الْكثير. فَقَالَ السَّائِل: فَإِن المنجمين يذكرُونَ الشَّمْس ويؤنثون الْقَمَر. وَهَذَا أَيْضا من المنجمين اتِّفَاق. فَأجَاب هَهُنَا وَقَالَ مَا قَالُوهُ وَلم يعجز عَن الْمَسْأَلَة الْأُخْرَى لقصر بَاعه فِي الْأَدَب وَلَكِن لم يحفظ فِيهَا جَوَابا عَن اهل الْعَرَبيَّة. وَالْمعْنَى فِيهِ خَافَ لَيْسَ من شَأْن المتمسحين فِي الْعلم بل من شَأْن المتبحرين فِيهِ الخائضين فِي غماره الْبَالِغين إِلَى قراره وهيهات ذَلِك الْعلم عميق الْبَحْر عالى الْفلك وَلَيْسَ كل قلب وعَاء لكل سانح وَلَا كل إِنْسَان ناطقاً بِكُل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute