فَقلت لَهُ: وَمَا الَّذِي أنْكرت من نَفسك. قَالَ: يخيل لي أَن يَمِيني قد تحول شمالاً وشمالي يَمِينا لست أَشك فِي ذَلِك. فَلَمَّا امْتَدَّ بِي النّظر فِي مساءلته وجدته كَانَ قد تختم فِي يَمِينه مُدَّة للتقرب إِلَى بعض الرؤساء من أصدقائه ثمَّ لما فَارقه لسفره اتّفقت لَهُ إِعَادَة إِلَى التَّخَتُّم الْيَسَار فَعرض لَهُ من الإلف وَالْعَادَة هَذَا الْعَارِض. فأعتبر بذلك يسهل جَوَاب مسألتك وَتعلم مَا فِي الْعَادة من المشاكلة لما فِي الطَّبْع. فَأَما كَرَاهَة النَّاس الشَّيْء لأسمه أَو للقبه ونبزه فَالْجَوَاب عَنهُ قريب من الْجَواب عَن هَذِه الْمَسْأَلَة وَذَلِكَ أَن الْأَسْمَاء والألقاب أَيْضا تكره لكَرَاهَة مَا تدل عَلَيْهِ للْعَادَة الأولى فَلَو أَنَّك نقلت اسْم الفحم إِلَى الكافور فِيمَا بَيْنك وَبَين آخر لَكَانَ مَتى ذكر الفحم تصور السوَاد وَلم يمنعهُ مَا انْتقل فِيمَا بَينه وَبَيْنك إِلَى مُسَمّى آخر أَبيض طيب الرَّائِحَة وَذَلِكَ لأجل الْعَادة اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون تركيب الْحُرُوف تركيباً قبيحاً والحروف أَنْفسهَا مستهجنة فَإِن الْجَواب عَن ذَلِك قد مر فِي صور هَذِه الْمسَائِل مستقصى.
(مَسْأَلَة قَالَ أَبُو حَيَّان لم صَار صَاحب الْهم وَمن غَلَبَة عَلَيْهِ الْفِكر فِي ملم يولع بِمَسّ لحيته وَرُبمَا نكت الأَرْض بإصبعه وعبث بالحصى)
. وَقد يخْتَلف الْحَال فِي ذَلِك حَتَّى إِنَّك لتجد وَاحِدًا يحب عِنْد صدمة الْهم ولوعه الْحزن جمعا وناساً ومجلساً مزدحماً يريغ بذلك تفريحاً ويجد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute