الْأَمر دفْعَة، وَفِي فَوته فَوت مَنَافِع عِظَام، فَكَانَ تَحْصِيله على مَا يَقع فِيهِ من الْخلَل أولى من تَركه رَأْسا وَأكْثر أُمُور الْبشر لَا يتم إِلَّا بالمعاونة والتشارك لعجزهم عَن التفرد ونقصهم عَن الْكَمَال وَظُهُور أثر الْخلق والإبداع فيهم فَلَمَّا كَانَ المتشاركون فِي الْأَمر أَكثر عددا والآراء أَشد اخْتِلَافا والأهواء أغمض مدخلًا - كَانَت الْحَاجَات إِلَى الوسائط أصدق والضرورة إِلَيْهِم أَشد. والسياسة من هَذِه الْأُمُور أَعنِي الَّتِي تكْثر فِيهَا الْأَهْوَاء وَيحْتَاج فِيهَا إِلَى الإشتراك والتعاون فَيحْتَاج فِيهِ إِلَى من يصدق رَأْيه وَيسلم من الْهوى والعصبية فَإِن أمكن أَن يكون الْوَسِيط خلوا من ذَلِك الْأَمر كَانَ أَجْدَر بالحكم الْعدْل والرأى الصائب وَإِن لم يكن ذَلِك اجْتهد أَن يكون حَظه فِي الْأَمر أقل من حَظّ المختصمين أَو يكون أَكثر ضبطاً للنَّفس وأقمع للهوى وَأكْثر رياضة من غَيره وكل ذَلِك ليسلم من دَاعِي الْهوى والميل مَعَه والانصباب إِلَيْهِ لتتفق الْكَلِمَة وَيحدث الْعدْل الَّذِي هُوَ سَبَب التآحد وَزَوَال الْكَثْرَة.
(مَسْأَلَة طبيعية خلقية لم طَال لِسَان الْإِنْسَان فِي حَاجَة غَيره إِذا عَنى بِهِ)
وَقصر لِسَانه فِي حَاجته مَعَ عنايته بِنَفسِهِ وَمَا السِّرّ فِي هَذَا. الْجَواب: قَالَ أَبُو عَليّ مسكويه - رَحمَه الله: بنية الْإِنْسَان وتركيبه ومبدأ خلقه وقه على أَنه ملك فَكل إِنْسَان لَهُ أَن يكون ملكا بِمَا أعد لَهُ من القوى المساعدة عَلَيْهِ وَلَا يَنْبَغِي لأحد أَن يقصر عَن أحد فِي هَذَا الْمَعْنى إِلَّا لآفة أَو نقص فِي البنية.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute