بِمَنْزِلَة شُهُود عدُول لَا يتداخلك الشَّك فِي صدقهم فَيكون حكمك صَادِقا وفراستك صَحِيحَة وَذَلِكَ بِحَسب دربتك بالصناعة بعد معرفتك بالأصول. وَمَا أَكثر الِانْتِفَاع بِهَذَا الْعلم وأحضره فَإِنِّي أرى فِي الجولان الَّذِي يتَّفق لي فِي الأَرْض وَكَثْرَة الْأَسْفَار أَن أرى ضروباً من النَّاس وأخالط أخياف الْأُمَم وأشاهد عجائب الْأَخْلَاق فأستعمل الفراسة فيعظم نَفعهَا وتتعجل فائدتها. والفراسة رُبمَا تخطىء فِي الفيلسوف التَّام الْحِكْمَة وَوجه ذَلِك أَنه رُبمَا كَانَ ذَا مزاج فَاسد وَخلق - بالطبع - مشاكل لَهُ فَيُصْلِحهُ ويهذبه بطول المعاناة وتعاهد نَفسه بدوام السِّيرَة الحميدة وَلُزُوم السجايا الرضية كَمَا يَحْكِي عَن أفليمون وَهُوَ أول من سبق إِلَى هَذَا الْعلم فَإِنَّهُ حمل إِلَى أبقراطيس وَهُوَ متنكر فَدخل إِلَيْهِ وَهُوَ لَا يعرفهُ فَلَمَّا تَأمله حكم عَلَيْهِ: زَان فهم أَصْحَابه بالوثوب عَلَيْهِ فنهاهم أبقراطيس وَقَالَ: قد صدق الرجل بِحَسب صناعته وَلَكِنِّي بالقهر أمنع نَفسِي من إِظْهَار سجيتها.
مَسْأَلَة مَا سر قَوْلهم: الْإِنْسَان حَرِيص على مَا منع؟
وَلم صَار هَذَا هَكَذَا وَكَيف يسْرع الْملَل مِمَّا بذل ويضاعف الولوع بِطَلَب مَا بخل بِهِ هَل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute