دَامَ مستبطناً وَغير بارز من الْبدن فَهُوَ مُحْتَمل بِالضَّرُورَةِ فَإِذا برز عفناه - حِينَئِذٍ - وتكرهناه وتقررنا مِنْهُ. وَهَهُنَا أَشْيَاء أخر ينفر مِنْهَا الْإِنْسَان بِالْعَادَةِ ويألفها أَيْضا بِالْعَادَةِ وَلَيْسَ مَا نَحن فِيهِ من هَذِه الْمَسْأَلَة فِي شَيْء. فَأَما قَول النَّبِي - عَلَيْهِ السَّلَام - (البذاذة من الْإِيمَان) فَهُوَ بعيد من هَذَا النمط الَّذِي كُنَّا فِي ذكره فَإِن من كَاد باذ الْهَيْئَة يكره الدنس وَيُحب النَّظَافَة وَلَيْسَ يخالفك فِي شَيْء مِمَّا تؤثره من معنى الطَّهَارَة فَإِن خالفك فَلَيْسَ من حَيْثُ بذاذة الْهَيْئَة لَكِن كَمَا يخالفك غَيره مِمَّن لَيْسَ بباذ الْهَيْئَة. وَكَذَلِكَ حَال التقشف الَّذِي حكيت فِيهِ كلَاما مَا عَن بعض الصُّوفِيَّة فَإِن تِلْكَ الْمعَانِي هِيَ مَوْضُوعَات أخر لَيست مِمَّا كُنَّا فِيهِ وَالْكَلَام فِيهَا يتَّصل بمعاني الْعِفَّة والقناعة والاقتصاد وَهِي فَضَائِل قد استقصى الْكَلَام فِيهَا فِي مَوَاضِع أخر. فَأَما قَول الْقَائِل: سر الصُّوفِي إِذا صفا لم يحْتَمل الجفا وَقَول الآخر: إِذا صفا السِّرّ انْتَفَى الشَّرّ فَهُوَ إِيمَاء إِلَى مَرَاتِب النَّفس من المعارف ومنازل الْيَقِين. ولعمري أَن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute