للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طبقته قد تورطوا فِي مَذْهَب بعيد من الْحق سَببه هَذِه اللَّفْظَة وَمَا أشبههَا مِمَّا أطلقته الْحُكَمَاء على سَبِيل الاتساع فِي الْكَلَام بل لأجل الضَّرُورَة الْعَارِضَة للألفاظ عِنْد ضيقها عَن الْمعَانِي الغامضة الَّتِي أطْلقُوا عَلَيْهَا. وَلَكِنِّي سأشير لَك إِلَى مَا يَنْبَغِي أَن تعتقده فِي هَذَا الْبَاب وَهُوَ أَن الطبائع إِذا امتزجت ضروب الامتزاجات بضروب حركات الْفلك حدثت مِنْهَا ضروب الصُّور والأشكال الَّتِي تعملها الطبيعة وَتقبل من آثَار النَّفس بوساطة الطبيعة ضروب الْآثَار لِأَن النَّفس تظهر آثارهما فِي كل مزاج بِحَسب قبُوله وتستعمل كل آلَة طبيعية بِحَسب ملاءمتها فِي كل مَا يُمكن أَن تسْتَعْمل فِيهِ وتنهيه إِلَى أقْصَى مَا يُمكن أَن يَنْتَهِي إِلَيْهِ من الْفَضِيلَة. وَهَذَا الْفِعْل من النَّفس لَا لغَرَض أَكثر من ظُهُور الْحِكْمَة وَذَاكَ أَن ظُهُور الْحِكْمَة من الْحَكِيم لَا يكون لغَرَض آخر فَوق الْحِكْمَة لِأَن أجل الْأَفْعَال مَا لم يرد الشَّيْء آخر بل ذَاته وكل فعل أُرِيد لغاية أُخْرَى

<<  <   >  >>