للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

امْتنع عَلَيْهِ فعله لنُقْصَان بعض هَذِه الْأَشْيَاء الَّتِي هِيَ ضَرُورِيَّة فِي ظُهُور فعله أَو عرضية فِيهِ أَو قهرية أَو اتفاقية فَهُوَ مَنْسُوب إِلَى تِلْكَ الْجِهَة. مِثَال ذَلِك أَنه إِن كَانَ امْتنع من الْفِعْل لنُقْصَان الهيولى أَو أحد الْأَرْبَعَة الْأَشْيَاء الضرورية فَهُوَ عَاجز وَإِن امْتنع لعائق قهري أَو اتفاقي فَهُوَ مَعْذُور من تِلْكَ الْجِهَة وبحسبها وعَلى مقدارها. فَأَما من حَضرته الْقُوَّة الفاعلة بِالِاخْتِيَارِ وَارْتَفَعت تِلْكَ الْمَوَانِع عَنهُ وأزيحت علله فِيهَا كلهَا ثمَّ كَانَ ذَلِك لفعل مِمَّا ينظر فِيهِ على طَرِيق الْإِضَافَة أَن يكون طَاعَة لمن تجب طَاعَته آو مَعُونَة لمن تجب معونته أَو غير ذَلِك من وُجُوه الإضافات الْوَاجِبَة ثمَّ امْتنع من الْفِعْل فَهُوَ ملوم غير مَعْذُور لِأَنَّهُ قَادر مُتَمَكن وَلأَجل ذَلِك تلْحقهُ الندامة من نَفسه والعقوبة من غَيره أَو الْعَيْب والذم. وَهَذِه الْجِهَة الَّتِي تخْتَص الْإِنْسَان من جِهَات الْفِعْل الْمُتَعَلّقَة بالفكر وإجالة الرأى الْمُسَمّى بِالِاخْتِيَارِ - هِيَ ثَمَرَة الْعقل ونتيجته. وَلَوْلَا هَذِه الْجِهَة لما كَانَ لوُجُود الْعقل فَائِدَة بل يصير وجوده عَبَثا ولغواً وَنحن نتيقن أَن الْعقل أجل الموجودات وأشرف مَا من الله تَعَالَى بِهِ

<<  <   >  >>