للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آخر من أمره. فَإِذا زَالَ عَنهُ الشَّك فِي وجوده وَأثبت لَهُ ذاتاً وهوية جَازَ بعد ذَلِك أَن يبْحَث عَن المبدأ الثَّانِي من وجوده وَهُوَ صورته أَعنِي نَوعه الَّذِي قومه وَصَارَ بِهِ هُوَ مَا هُوَ وَهَذَا هُوَ الْبَحْث بِمَا لِأَن مَا هِيَ بحث عَن النَّوْع وَالصُّورَة المقومة. فَإِذا حصل الْإِنْسَان فِي الشَّيْء المحجوب عَنهُ هذَيْن وهما: الْوُجُود الأول والهوية الَّتِي بحث عَنْهَا بهل والوجود الثَّانِي وَهُوَ النوعية أَعنِي الصُّورَة المقومة الَّتِي بحث عَنْهَا بِمَا - جَازَ أم يبْحَث عَن الشَّيْء الَّذِي يميزه من غَيره أَعنِي الْفَصْل وَهَذَا هُوَ المبدأ الثَّالِث لِأَن الَّذِي يميزه من غَيره هُوَ الَّذِي يبْحَث عَنهُ بِأَيّ أَعنِي الْفَصْل الذاتي لَهُ. فَإِذا حصل من الشَّيْء المبحوث عَنهُ هَذِه المبادىء الثَّلَاثَة لم يبْق فِي أمره مَا يَعْتَرِضهُ شكّ وَصَحَّ الْعلم بِهِ إِلَّا حَال كَمَاله وَالشَّيْء الَّذِي من أَجله وجد وَهَذِه الْعلَّة الْأَخِيرَة الَّتِي تسمى وأرسططاليس هُوَ أول من نبه عَلَيْهَا واستخرجها وَذَاكَ أَن الْعِلَل الثَّلَاث هِيَ كلهَا خوادم وَأَسْبَاب لهَذِهِ الْعلَّة الْأَخِيرَة وَكَأَنَّهَا كلهَا إِنَّمَا وجدت لَهَا ولأجلها. وَهَذِه الَّتِي يبْحَث عَنْهَا بلم. فَإِذا عرف لم وجد وَمَا غَرَضه الْأَخير أَعنِي الَّذِي وجد من اجله - انْقَطع الْبَحْث وَحصل الْعلم التَّام بالشَّيْء وزالت الشكوك كلهَا فِي أمره وَلم يبْق وَجه تتشوقه النَّفس بالروية فِيهِ والشوق إِلَى مَعْرفَته لِأَن الْإِحَاطَة بِجَمِيعِ علله ومبادئه وَاقعَة حَاصِلَة وَلَيْسَ للشَّكّ وَجه يتَطَرَّق إِلَيْهِ فَلذَلِك صَارَت البحوث أَرْبَعَة لَا أقل وَلَا أَكثر.

<<  <   >  >>