فَكَمَا أَن جَانب الغدير إِذا تموج حرك مَا يَلِيهِ فِي زمَان ثمَّ مَا يَلِي مَا يَلِيهِ إِلَى أَن يَنْتَهِي إِلَى الْجَانِب الْأَقْصَى مِنْهُ حَتَّى تصير بَينهمَا مُدَّة وزمان على قدر اتساع سطح المَاء فَكَذَلِك حَال الْهَوَاء إِذا اقترع فِيهِ الْجِسْم الصلب حرك مَا يَلِيهِ من الْهَوَاء وتموج بِهِ ثمَّ حرك هَذَا الْجُزْء مَا يَلِيهِ فِي زمَان بعد زمَان حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى الْجُزْء الَّذِي يَلِي آذاننا فنحس بِهِ وَلذَلِك صَار صَوت وَقع وَكَذَلِكَ حَالنَا إِذا رَأينَا الْقصار من بعيد على طرف وَاد فَإنَّا نرى حَرَكَة يَده وإلاحته بِالثَّوْبِ حِين رَفعه وضربه الْحجر قبل أَن نسْمع صَوت ذَلِك الوقع بِزَمَان. فَهَذِهِ بِعَينهَا حَال الْبَرْق والرعد لِأَن السَّحَاب يصطك بعضه بِبَعْض فينقدح من ذَلِك الاصطكاك مَا ينقدح من كل جسمين إِذا اصطكا بِقُوَّة شَدِيدَة وَيخرج أَيْضا من بَينهمَا صَوت. وهما جَمِيعًا - أَعنِي الْبَرْق والرعد - يحدثان مَعًا فِي حَال وَاحِدَة إِذْ كَانَ سببهما جَمِيعًا الصَّك والقرع أَعنِي حَرَكَة الْجِسْم الصلب وقرع بعضه بِبَعْض كَحال المقدحة وَالْحجر إِلَّا أَن الْبَرْق يضيء مِنْهُ الْهَوَاء بالاستحالة الَّتِي تكون بِلَا زمَان فنحسه فِي الْوَقْت. فَأَما الرَّعْد فيتموج مِنْهُ الْهَوَاء الَّذِي يَلِي السَّحَاب المصطك ثمَّ يتموج أَيْضا مَا يَلِيهِ ويسري فِي الْجُزْء بعد الْجُزْء إِلَى أَن يَنْتَهِي إِلَى الْهَوَاء الَّذِي يَلِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute