الْجد، واقشعر من الْهزْل ونبا عَن الْخَنَا وسدد طرفه فِي مَشْيه وَجمع عطفه فِي قعوده وشقق فِي لَفظه وحدق فِي لحظه. الْجَواب: قَالَ أَبُو عَليّ مسكويه - رَحمَه الله: السَّبَب فِي ذَلِك أَن الشَّاب إِذا تشايخ فَإِنَّمَا يظْهر أَن لَا حَرَكَة لطبيعته نَحْو الشَّهَوَات وَهَذِه الْقُوَّة والطبيعة هِيَ فِي الشَّبَاب على غَايَة التَّمام والتزايد لِأَنَّهَا فِي حَال النشوء وَلَا تزَال متزيدة إِلَى أَن تبلغ غايتها وتقف ثمَّ تنتقص على رسم سَائِر قوى الطبيعة فَإِذا ادّعى الشَّاب مرتبَة الشَّيْخ الَّتِي قد انحطت فِيهَا هَذِه الْقُوَّة علم أَنه كَاذِب فاستقبح مِنْهُ الْكَذِب والرياء فِي غير مَوْضِعه وَمن غير حَاجَة إِلَيْهِ. وَالْكذب إِذا كَانَ صراحاً وَغير خَفِي وَكَانَ صَاحبه يَأْتِيهِ من حَاجَة إِلَيْهِ ازْدَادَ مقت النَّاس لَهُ واستبدل بِهِ على رداءة جَوْهَر النَّفس. فَإِن اتّفق لهَذَا الشَّاب أَن يكون صَادِقا أَعنِي أَن تكون طَبِيعَته نَاقِصَة وشهوته خامدة - اسْتدلَّ على نُقْصَان طبائعه وبرىء من عيب الْكَذِب إِلَّا أَن يكون مرحوماً لأجل نقص بعض طبائعه عَمَّا فطر عَلَيْهِ النَّاس وَيصير بِالْجُمْلَةِ غير مَذْمُوم وَلَا معيب إِذا كَانَ صَادِقا. وَأما إِن كَانَ صَادِقا فِي ضبط نَفسه مَعَ حَدَاثَة سنه والتهاب شهواته ومنازعة قواه إِلَى ارْتِكَاب اللَّذَّات فَإِن مثل هَذَا الْإِنْسَان لَا يلبث أَن يشْتَهر أمره ويعظم ذكره وَيصير إِمَامًا مَعْصُوما أَو نَبيا مَبْعُوثًا أَو وليا مستخلصاً. وَلَيْسَ يخفى على النَّاس المتصفحين حركات الصَّادِق من
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute