وَمَا حكمهمَا فِي الْأَغْلَب فَإِن الثَّابِت على وَجه غير المتقلب إِلَى وَجه. الْجَواب: قَالَ أَبُو عَليّ مسكويه - رَحمَه الله: أَظُنك أردْت بالبخيل اللَّئِيم وَبَينهمَا فروق. وَقد تَكَلَّمت على مرادك لِأَن بَاقِي الْكَلَام يدل عَلَيْهِ. فلعمري إِن ذَلِك فِي الْأَكْثَر كَذَلِك وَإِن كَانَ قد ينعكس الْأَمر فيوجد حَلِيم جواد وبخيل حَدِيد إِلَّا أَن الأولى أَن يكون الْجواد حديداً وَذَلِكَ أَن الْبَخِيل هُوَ الَّذِي يمْنَع الْحق من مستحقيه على مَا يَنْبَغِي وَفِي الْوَقْت الَّذِي يَنْبَغِي وكما يَنْبَغِي فَإِذا مِنْهُ الْبَخِيل الْحق على الْوُجُوه الَّتِي ذكرت صَار ظَالِما وَإِذا أحس بِهَذِهِ الرذيلة من نَفسه وَجب أَن يصبر على المتظلمين وهم الذامون لِأَنَّهُ من الْبَين أَن الْبَخِيل إِذا ذمه الذام فَإِنَّمَا يذكرهُ مواقع ظلمه وَإِخْرَاج الْحق الَّذِي عَلَيْهِ على غير الْوُجُوه الَّتِي تنبغي. وَإِذا كَانَ الذام صَادِقا والبخيل يعرف صدقه بِمَا يجده من نَفسه فَيجب أَن يحلم لَا محَالة لموافقته الصدْق وَلِأَن النَّفس بالطبع تسكن عِنْد الصدْق وتستخذي لَهُ فالأشبه بالنظام الطبيعي أَن يكون الْبَخِيل حلما لما ذَكرْنَاهُ وَرُبمَا عرض ضد ذَلِك وَهُوَ إِذا كَانَ الْبَخِيل جَاهِلا بالحقوق الَّتِي تجب عَلَيْهِ على الشَّرَائِط الَّتِي ذَكرنَاهَا فَإِذا جهل ذَلِك لم يعرف صدق من يصدقهُ عَنهُ وَلَا ظلمه وإنصافه وفيعرف قبح أَفعاله فتعرض لَهُ رذيلتان: إِحْدَاهمَا منع الْحق وَالْأُخْرَى الْجَهْل بِموضع الْحق فَرُبمَا عرض للجاهل الحدة والنزق والعدول عَن الْحلم لما ذَكرْنَاهُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute