وَإِنَّمَا ذكرنَا سَبَب الْجزع من الْمَوْت والاسترسال إِلَى الْمَوْت وَأيهمَا يحسن وَفِي أَي مَوضِع وعَلى أَي حَال. وَلم كَانَت الفسولة فِي السمان أَكثر الْجَواب: قَالَ أَبُو عَليّ مسكويه - رَحمَه الله: هَذِه الْمَسْأَلَة كَأَنَّهَا عَن الْحَال الْأَغْلَب والوجود الْأَكْثَر. وَالسَّبَب فِيهِ أَنه لما كَانَت الْحَرَارَة الغريزية سَبَب الْحَيَاة وَسبب الْفَضَائِل التابعة للحياة أعنى الذكاء وَالْحَرَكَة والشجاعة وَمَا أشبههَا - كَانَت الْأَبدَان الَّتِي حظها مِنْهَا أَكثر - أفضل. وَالْحكم الصَّحِيح فِي هَذَا أَن الْأَبدَان المعتدلة فِي النحافة وَالسمن والطول وَالْقصر وَسَائِر الكيفيات الْأُخَر - أفضل الْأَبدَان. وَلما كَانَت مسألتك مَخْصُوصَة بالنحافة وَالسمن خصصنا الْجَواب أَيْضا فَنَقُول: إِن الْحَرَارَة إِذا قاومت أخلاط الْبدن فأذابت فضول الرطوبات مِنْهُ ونفت الْبرد الْغَالِب عَلَيْهِ هُوَ ضِدّه - كَانَ ذَلِك سَببا للحركة واليقظة وسبباً للإقدام والنجدة. وَيتبع هَذِه الْأَشْيَاء سَائِر الْفَضَائِل اللَّازِمَة لَهَا وذكو الْحَرَارَة الَّتِي فِي الْقلب وَهِي أول هَذِه الْفَضَائِل كلهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute