للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الخامس: أن الرواة الذين سمعوا هذه الأخبار من الرسول صلى الله عليه وسلم ما كتبوها عن لفظ الرسول، بل سمعوا شيئًا في مجلس، ثم إنهم رووا تلك الأشياء بعد عشرين سنة أو أكثر، ومن سمع شيئًا في مجلس مرةً واحدةً، ثم رواه بعد العشرين والثلاثين لا يمكنه رواية تلك الألفاظ بأعبائها (١)، وهذا كالمعلوم بالضرورة، وإذا كان الأمر كذلك كان القطع حاصلًا بأن شيئًا من هذه الألفاظ ليس من ألفاظ الرسول عليه السلام، بل ليس ذلك إلا من ألفاظ الراوي (!!!!).

وكيف يقطع أن هذا الراوي سمع ما جرى في ذلك المجلس؟ فإن من سمع كلامًا في مجلس واحد، ثم إنه ما كتبه وما كرر عليه كل يوم، بل ذكره بعد عشرين سنة أو ثلاثين، فالظاهر أنه في منه شيئًا كثيرًا، أو تشوش عليه نظم الكلام وترتيبه وتركيبه، ومع هذا الاحتمال فكيف يمكن التمسك به في معرفة ذات الله تعالى وصفاته؟.

واعلم أن هذا الباب كثير الكلام، وأن القدر الذي أوردناه كافٍ في بيان أنه لا يجوز التمسك في أصل الدين بخبر الآحاد. والله أعلم» (٢).


(١) كذا! والصحيح (بأعيانها). ولعله من الناسخ أو الطابع.
(٢) أساس التقديس (ص٨٢ - ١٦٨)، وانظر: الشامل للجويني (ص٥٥٧ - ٥٥٨).
ونحن نحيل هذا الكلام إلى المشتغلين بالسنة والحديث من الأشاعرة المعاصرين، ونريد أن نسمع رأيهم فيه، أما أهل السنة والجماعة فقد عقد البخاري رحمه الله كتابًا من صحيحه بعنوان (كتاب أخبار الآحاد)، وأسهب ابن القيم في الصواعق المرسلة في إبطال هذا اللغو ونسفه، ومنه اختصر الشيخ الألباني رسالته المفيدة في ذلك، وكذا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله =

<<  <   >  >>