للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نحو: (إن أبي وأباك في النار) (١). اختلقوا حديثًا: (إن الله أحيا أبوي فآمنا). فلما بين أهل السنة درجة الحديث قالوا:

حبا الله النبي مزيد فضل ... على فضل وكان به رؤوفا

فأحيا أمه وكذا أباه ... لإيمانٍ به فضلًا منيفا

فصدّق فالقديم بذا قدير ... وإن كان الحديث به ضعيفا

فلما قيل له: إن هذا تناقضٌ! إذ كيف يصدق وهو ضعيف؟! قالوا: (إن هذا الحديث قد صح عند أهل الحقيقة بطريق الكشف). وأنشدوا:

أيقنت أن أبا النبي وأمه ... أحياهما الرب الكريم الباري

حتى له شهدا بصدق رسالة ... صدِّق فتلك كرامة المختار

هذا الحديث ومن يقول بضعفه ... فهو الضعيف عن الحقيقة عاري (٢)

فإذا كان الكشف والذوق يحكم بما يجب تأويله وما يجوز، وما يجب اعتقاده وما لا يصح، وما يثبت من الأحاديث وما يرد، فماذا بقي للكتاب والسنة، وفِيمَ عناء علماء الحديث قديمًا وحديثًا، ولِمَ إفناء الأعمار في طلب العلم وتأسيس الجامعات، والعلم اللدني ما يزال يفيض على قلوب العارفين؟!.

وهكذا يتردد المذهب الأشعري بين تحكيم العقل وتحكيم الذوق والكشف، واعتبارهما مصدر التلقي في أهم وأعظم القضايا، وهي قضايا العقيدة.


(١) أخرجه مسلم ((٣٤٧)).
(٢) انظر شرح الباجوري على الجوهرة (ص (٢٨))، وحاشية الغمراوي (ص٥٥).

<<  <   >  >>