للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومع وضوح ذلك بالأدلة - كما سبق - لا نستبعد أن يسأل سائل فيقول: ولكن الأشاعرة لم يكفروا بالنصوص، ولم ينكروها؟.

ونحن نقول: إن الكفر بالنصوص وإنكارها كفرٌ برأسه، دونما حاجة إلى لوازم وإلزامات، ونحن لا نكفّر الأشاعرة، ولا نقول: إن سبب الكفر الوحيد هو إنكار النصوص والتكذيب بها، ولكننا نسأل كل من يرد عليه السؤال: من خلال ما تقدم من كلام الأشاعرة، ماذا تتوقع أنهم تركوا للنصوص، وما هي منزلتها وقيمتها عندهم؟.

عندما قال ابن القيم رحمه الله: «إنهم أنزلوا النصوص منزلة الخليفة في هذا الزمان، له السكة والخطبة، وما له حكم نافذ، ولا سلطان» (١).

وعندما قال شيخ الإسلام رحمه الله: «إن هذا في الحقيقة عزلٌ للرسول، واستغناء عنه، وجعله بمنزلة شيخ من شيوخ المتكلمين، أو الصوفية.

فإن المتكلم مع المتكلم، والمتصوف مع المتصوف يوافقه فيما علم بنظره وكشفه. بل ما ذكروه فيه تنقيصٌ للرسول عن درجة المتكلم والمتصوف، فإن المتكلم إذا قال نظيره شيئًا، ولم يعلم ثبوته، ولا انتفاءه، لا يثبته ولا ينفيه، وهؤلاء ينفون معاني النصوص ويتأولوها، وإن لم يعلموا انتفاء مقتضاها» (٢).


(١) انظر مدارج السالكين (١/ ٤٠).
(٢) التسعينية (ص٢٥٨). وقد سبق مصداق ذلك من قولهم: إن المعارض العقلي لا يعلم انتفاؤه بمجرد عدم الوجدان!!.

<<  <   >  >>