للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الاعتقاد الواجب، وهم مع ذلك أحيلوا في معرفته على مجرد عقولهم، وأن يدفعوا بمقتضى قياس عقولهم ما دلَّ عليه الكتاب والسنة نصًّا ظاهرًا، لقد كان ترك الناس بلا كتاب ولا سنة أهدى لهم وأنفع على هذا التقرير!!. بل كان وجود الكتاب والسنة ضررًا محضًا في أصل الدين!.

فإن حقيقة الأمر - على ما يقوله هؤلاء -: إنكم يا معشر العباد، لا تطلبوا معرفة الله عز وجل، وما يستحقه من الصفات نفيًا وإثباتًا، لا من الكتاب، ولا من السنة، ولا من طريق سلف الأمة، ولكن انظروا أنتم، فما وجدتموه مستحقًّا له من الصفات فصفوه به، سواءً كان موجودًا في الكتاب والسنة، أو لم يكن، وما لم تجدوه مستحقًّا له في عقولكم، فلا تصفوه به ...

وما نفاه قياس عقولكم فانفوه، وإليه عند التناع فارجعوا، فإنه الحق الذي تعبدتكم به.

وما كان مذكورًا في الكتاب والسنة مما يخالف قياسكم هذا، ويثبت ما لم تدركه عقولكم، فاعلموا أني أمتحنكم، لا لتعلموا بتنزيله، ولا لتأخذوا الهدى منه، ولكن لتجتهدوا في تخريجه على شواذ اللغة، ووحشي الألفاظ، وغرائب الكلام، أو (١)

أن تسكتوا عنه مفوضين علمه إلى الله، مع نفي دلالته على شيء من الصفات» (٢)!!.


(١) في الأصل: (و). ورجحت (أو)؛ لأنه ذكر أنهم فريقان: فريق يؤول الصفات، وفريق يفوضها، وهذه هي حقيقة مذهبهم التي قال عنها صاحب الجوهرة:

وكل نص أوهم التشبيها ... فوضه أوْ أوَّل ورُمْ تنزيها
(٢) الفتوى الحموية (ص١١).

<<  <   >  >>