للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على ما فسرتها به الأحاديث الصحيحة (١)، ولله في ذلك الحكمة البالغة، وما أصاب المسلمين عامة من مصيبة فبما كسبت أيديهم ويعفو عن كثير، وليس بخارج عن سنة الله أن يبتليهم بما لم يبتل به أمم الكفر، أو يذيقهم من البأس ما لم يذقها.

وليس عجيبًا في سنة الله أن يأتي عصر يقلّ فيه أهل السنة والجماعة ويستضعفون، ويعلو فيه أهل البدعة والفرقة ويسيطرون، فهذا أيضًا من الابتلاء - ابتلاء التمحيص والرفع - الذي هو سنة الله في الأنبياء من قبل: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا} [الفرقان: ٣١].

{وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} [الأنعام: ٥٣].

ولكن العجب المستنكر أن تطغى البدع حتى يبلغ من جرأة أصحابها أن يدّعوا أنهم هم أهل السنة والجماعة، وأن أهل السنة والجماعة هم أهل الضلالة والفرقة!.

أو يضيع الحق بين تفريط أهل السنة والجماعة وتلبيس أهل الضلالة والفرقة، فيقال: إن هؤلاء من هؤلاء، وأن الفرقتين سواء - دون نكير ولا اعتراض -.


(١) وهي أحاديث كثيرة، جمعها الحافظ ابن كثير رحمه الله، انظر الطبعة المحققة من تفسيره (٣/ ٢٦٤ - ٢٧٢).

<<  <   >  >>