للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

«ثالثًا: عدم الإطناب في ذكر الأمور التي لم يثبت فيها دليلٌ قطعيٌّ، وبرهانٌ يقينيٌّ، بل لعلي لن أتعرض لكثيرٍ منها، إذ المجال هنا مختصٌّ بتلك الأمور التي قامت على القطع واليقين، فكانت بذلك من مقومات العقيدة التي لا يسع المسلم إنكارها أو تجاهلها، ومن المعلوم أن لليقينيات منهجًا مختصًّا بها، لا ينبغي أن يستبدل به غيره في سبيل الوصول إليها».

وقد وفَّى الدكتور بما التزم، فلم يتعرض في كتابه إلا للصفات السبع التي يثبتها الأشاعرة بمقتضى العقل (١)، أما الصفات الواردة في السنة فلم يتعرض لها إطلاقًا، بل أعلن منهجه في السنة قائلًا: «إذا كانت السلسلة التي توفرت فيها مقومات الصحة مكونة من آحاد الرواة الذين ينتقل الخبر عنهم، فهو لا يعدو أن يكون خبرًا ظنيًّا في حكم العقل، وإذا كانت حلقات السلسلة مكونة من راويين أو ثلاثة رواة فهو لا يزال خبرًا ظنيًّا، ولكن ظنٌّ قويٌّ يداني اليقين.

أما إذا غدت كل حلقة من الحلقات من الكثرة جموعًا يطمئن العقل إلى أنها لا تتواطأ على الكذب، فإن الخبر المروي عندئذ يكتسب صفة اليقين، وهو ما يسمى بالخبر المتواتر».

ثم يأتي إلى بيت القصيد فيقول: «فأما الظني من الخبر الصحيح، فلا يعتدُّ به في الحكم الإسلامي في بناء العقيدة؛ لأنه إنما يفيد الظن، ولقد نهى القرآن الكريم في مجال البحث عن العقيدة عن اتباع الظن


(١) انظر (ص١٠٠ - ١٠٧).

<<  <   >  >>