للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كما رأيت (١)، ولكن يعتدُّ به في نطاق الأحكام العملية ...

غير أن اليقين من الخبر الصحيح - وهو ما يسمى بالخبر المتواتر - هو وحده الذي يعتدُّ به في بناء العقيدة والمدركات اليقينية، بمعنى أن الإنسان لا يجبر على الاعتقاد بشيءٍ خبري إلا إذا كان قائمًا على برهان التواتر، فإن كان دليله خبر آحاد كان اليقين به عائدًا إلى القناعة الشخصية التي يراها من نفسه» (٢).

فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، لقد تعددت الظباء على خراش، فمن تحكيم العقل إلى تحكيم الذوق والكشف، إلى تحكيم القناعة الشخصية!!.

إن مقتضى كلام الدكتور أنه إذا أتينا لأحدٍ بحديث مروي بالسلسلة الذهبية في الصحيحين، فقال لنا: إن قناعتي الشخصية ترفض الإيمان به. فإن هذا الرجل مفكرٌ حرٌّ، يضع عقيدته من وراء عقله (٣)، ورجل


(١) هذا عين كلام الرازي، وعين خطئه - الذي أشرنا إليه - في مفهوم كلمة (الظن) بين الاصطلاح الأصولي والمعنى اللغوي الذي جاء في القرآن. وإذا كان العقل الذي يمجده البوطي في كل مبحث من كتابه هو هذا الذي يرد ما ثبت في الصحيحين مستندًا إلى قوله تعالى عن الكفار: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ}. فالجنون المحض - لعمر الله - خيرٌ منه؛ إذ صاحبه معافى من المؤاخذة، وهؤلاء يتجرأون على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(٢) (ص (٣٢) - (٣٣)).
(٣) والذي إليه أهدى الدكتور كتابه.

<<  <   >  >>