الأشاعرة ومصدر التلقي عندهم أن أحصر المواضع التي يستمد الأشاعرة فيها من الفلاسفة ونحوهم استمدادًا نصيًّا صريحًا، وأخذت في تجميعها، وما كدت أمضي قليلًا حتى تبينت أن عملي هذا شبيهٌ بحصر موج البحر، أو ذرات الرمل، فإن هذا مما تتكرر في كل مبحث، وفي كل كتاب، وعلى لسان كل مؤلف.
ولهذا ضربت صفحًا عن الحصر والإحصاء، مكتفيًا بأمثلةٍ يسيرة، تاركًا لمن شاء الاستزادة أن يمد يده لأي مؤلَّفٍ أشعريٍّ في العقيدة، فيرى بأمِّ عينه النقول والاستمدادات عن مشركي اليونان، الذين أفسدوا أديان الأمم جميعها، وعن الصابئة عبدة الكواكب، بل عن اليهود، وما أدراك ما اليهود؟
على أنني أنبه من أراد ذلك إلى أنه لن يجدهم موصوفين بما ذكرت، بل بكونهم (الحكماء)، (الإلهيين)، (أساطين الفلسفة)، (الجهابذة)، (المعلم الأول). وأمثالها مما لا ذم فيه، بل فيه التقدير والتمجيد حتى في المواضع التي يخالفونهم فيها، بخلاف معاملتهم لعلماء أهل السنة، فإنهم غالبًا لا يذكرونهم بخير حتى في المواضع المتفق عليها بين الفريقين!!.
ولنبدأ بمسألة (التوحيد) لأهميتها:
يقول الآمدي: «فمما ذهب إليه (المعلم الأول)، ومن تابعه من الحكماء المتقدمين، وقفا آثره من فلاسفة الإسلاميين: أن الباري تعالى