للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

واحدٌ من كل جهة، وأنه لا يلحقه الانقسام والكم بوجه ما» (١).

وغني عن البيان أن هذا القدر من كلام معلّم الوثنية الأول، هو توحيد الأشاعرة المنصوص عليه في كتبهم قاطبة كما سترى.

فعلى هذا المعنى للتوحيد سار أبو المعالي الجويني في (كتاب التوحيد)، وهو جزءٌ ضخمٌ من كتاب (الشامل) له (٢).

وقال في (الإرشاد): «باب العلم بالوحدانية: الباري سبحانه وتعالى واحدٌ، والواحد في اصطلاح الأصوليين: الشيء الذي لا ينقسم ... والرب سبحانه وتعالى موجودٌ فردٌ متقدسٌ عن قبول التبعيض والانقسام، وقد يراد بتسميته واحدًا أنه لا مثل له ولا نظير، ويرتب على اعتقاد حقيقة الوحدانية إيضاح الدليل على أن الإله ليس بمؤلّف؛ إذ لو كان كذلك - تعالى الله عنه وتقدس - لكان كل بعض قائمًا بنفسه، عالمًا حيًّا قادرًا، وذلك تصريحٌ بإثبات إلهين» (٣).

ثم سار الشهرستاني حيث يقول في الموضوع نفسه: «قال أصحابنا: الواحد هو الشيء الذي لا يصح انقسامه؛ إذ لا تقبل ذاته القسمة بوجهٍ من الوجوه، ولا تقبل الشركة بوجه، فالباري تعالى واحدٌ. في ذاته لا قسيم له، وواحدٌ في صفاته لا شبيه له، وواحدٌ في أفعاله لا شريك له» (٤).


(١) غاية المرام (ص٢٣٣).
(٢) الشامل (ص٣٤٥ - ٤٨٦).
(٣) الإرشاد (ص٥٢).
(٤) نهاية الإقدام (ص٩٠).

<<  <   >  >>