ولن نسأل الآمدي عن الآيات الكثيرة في بيان حكمة الخلق، وغاية الوجود؛ لأن جوابه المعروف هو وأصحابه عنها: أنها ظنيات لا تفيد اليقين، وظواهر نقلية بجب تأويلها لتوافق القطعيات العقلية ..
ولكننا نسأله أيهما الذي وافق الآخر وتبعه، آلحكماء اتبعوا الأشاعرة، أم الأشاعرة اتبعوا الحكماء؟.
ولن نطيل بذكر أمثلة لهذه المسألة، بل نكتفي بنموذج عصري واحد.
يقول البوطي بعد أن قرر القاعدة الأشعرية في نفي الحكمة والغاية: «أما الآيات والأحاديث الموهمة لثبوت العلل والأغراض لله تعالى بسبب استعمال لام التعليل؛ كقوله تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: (٥٦)] ...
فليست على ظاهرها الذي نتصوره من التعليل الحقيقي؛ إذ لو كانت كذلك لاقتضى الأمر أن يكون الله جل جلاله مستكملًا ألوهيته بعبادة الناس له، ولذلك احتاج إليها، وخلق الناس من أجلها (؟!) ...
فاللام في مثل هذه الآيات إنما هي تعبير عن العلة الجعلية (؟)، لا عن العلة الحقيقية.
أي: تعلقت إرادة الله بإيجاد الإنسان وبتكليفه بمستلزمات العبودية له ... برابط من محض مشيئته وقدرته» (١).
فانظر إلى هذه اللوازم المتخيَّلة، وهذا التأويل المتكلف لمسألة واضحة وضوح الشمس، وليس لهذا من داعٍ إلا متابعة أسلاف