وقد يكون سبب ذلك أن بعض أهل السنة والجماعة لا يعرفون المضمون الكامل، والمنهج الشامل الذي يحويه مدلول (أهل السنة والجماعة)، ولا يدركون حقيقة مناهج الفرق البدعية وأصولها، ومن ثم كانت الخسارة الكبرى لأهل السنة والجماعة، لا أعني خسارة الأتباع، ولكن اضمحلال الشعار، وضياع الحقيقة في ركام الزيف، وفقدان المنهج المتميز في زحمة المناهج.
وقد ركَّب الله تعالى في نفوس بني آدم كافة من معرفة العدل ما ينكرون به أن يتقمص اللص شخص الحارس، وأن ينتحل الفاجر شخصية التقي، وأن يدعي الشيطان حقيقة المَلَك.
وعن هذا عبَّر شاعر المعرَّة بقوله:
فوا عجبًا يدّعي الفضل ناقص ** ووا أسفا كم يُظهر النقص فاضل
إذا وصف الطائيَّ بالبخل مادرٌ ** وعيّر قسًّا بالفهاهة باقل
وقال السهى: يا شمسُ أنتِ خفية ** وقال الدجى: يا صبح لونك حائل
فيا موت زر إن الحياة ذميمة ** ويا نفس جدّي إن دهرك هازل
إن الله سبحانه وتعالى أخبرنا عن أصحاب جهنم أنهم يقولون:{لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك: (١).]. فنفهم من هذا: أن الكفار لا سمع لهم ولا عقل، وأن المؤمنين أهل السنة والجماعة هم أصحاب السمع الصحيح، والعقل الكامل؛ من جهة أنهم يتلقون عن القرآن