[الأنبياء: ١٠٧]. فها هو ذا أمر عظيم زائد عن مجرد المشيئة.
على أن الأشاعرة سرعان ما نقضوا كلامهم هذا عند حديثهم عن المعجزة حيث قالوا: إن الله تعالى يعطي الأنبياء معجزات لتدل على صدقهم وتصديق الله لهم، فعللوا فعل الله وأظهروا حكمته، وبهذا ناقضوا أصلهم الكلي، وهو أنه (يفعل لا لشيء)، ومنزهٌ عن الغرض!!.
ولا نريد الإفاضة في بيان بطلان هذا الحكم، وإنما المراد إظهار تناقضهم وفساد أصولهم، فإن إنكارهم لبعض الصفات، ونفيهم للحكمة في أفعال الله، وإخضاع ما يتعلق بالله للتقسيمات العقلية المبتدعة، كلها أصولٌ فاسدةٌ اجتمعت في هذه القضية فأفسدتها!.
وأما ثبوت النبوة فاستدل عليه الأشاعرة بدليلين:
(١) - عدم الاستحالة.
(٢) - المعجزة.
وهما في الحقيقة دليلٌ واحدٌ؛ لأن عدم الاستحالة إنما هو جزءٌ من حكمها في العقل، ولو لم يكن للمسلمين، بل ولسائر أتباع الملل من الحجة على إثبات جنس النبوة إلا هذا الدليل الأشعري (عدم الاستحالة)، لكان من حق منكري النبوات أن يظهروا عليهم كل الظهور!.
ومن حقّ كل مسلم أن يسأل هؤلاء القوم: يا من تطرحون النصوص جانبًا، وتقدِّمون - بل تحكِّمون - العقل، أين الدليل العقلي القاطع على إمكان النبوة؟ وهي أساس كل اعتقاد؟.
أهو قولكم:«إن ذلك ليس من المستحيلات التي يمتنع وقوعها لأعيانها؛ كاجتماع الضدين، وانقلاب الأجناس»؟.