للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معارضته والإتيان بمثله ليبطل دعواه، ولو لم يفعل الله ذلك لكان هذا تصديقًا للكاذب، وإضلالًا لعباده، والله منزهٌ عنه.

وهذا الفارق المزعوم المكابر للعقول والواقع، هو الذي اعتمد عليه القاضي الباقلاني في كتابه الذي ألَّفه في الفَرق بين المعجزات والكرامات، والحيل والكهانات، والسحر ... (١). وعليه سار من بعده كالجويني وصاحب (المواقف) (٢).

ويَرِدُ عليه اعترضاتٌ كثيرةٌ قاطعةٌ ببطلانه؛ منها:

أ - استلزامه التسوية بين آيات الأنبياء وأفعال السحرة، وهو واضح البطلان في كل عقلٍ وفطرة.

ب - أن كون الدليل نفسه واحدًا - وهو الخارق - ثم إن اقرنت به الدعوى صار معجزة نبوية، وإن لم تقترن لم يكن كذلك، تحكُّمٌ معلوم البطلان لكل عاقل.

ج - أن سلب الله تعالى القدرة أو المعرفة من الكاذب، أمرٌ قدَّروه من عند أنفسهم، لم يقله الله تعالى عن نفسه، والواقع يكذِّبه، فكم من أدعياء ومتنبئين لم يسلبهم الله ذلك، لكنه أظهر كذبهم ببراهين أخرى (٣) ...

د - أن هذا رجوع إلى مسألة إثبات أن الله لا يُضل العباد، وقد سبق


(١) ذكره شيخ الإسلام ونقده في النبوات. انظر الفصل من (ص٢٧ - ٣٨)، والفصل من (١٠٠ - ١٢٧)، ولم أعثر عليه، لكن غير الشيخ ذكره، ونقل عنه.
(٢) انظر الإرشاد (ص٣٣١)، المواقف (ص٣٤٦).
(٣) انظر النبوات (ص (٣٧)، ١٢٧).

<<  <   >  >>