للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال بعضهم - وهو شارح الجوهرة -: «ما وقع من آدم فهو معصية لا كالمعاصي؛ لأنه تأول الأمر لسرٍّ بينه وبين سيده، وإن لم نعلمه، حتى نقل في (اليواقيت): لو كنت بدل آدم لأكلت الشجرة بتمامها!!. فهو وإن كاف منهيًّا ظاهرًا مأمورٌ باطنًا» (١).

وقال بعضهم - وهو الرازي - بعد تأويلات طويلة: «واعلم أنه يمكن أن يقال في المسألة وجه آخر، وهو: أنه تعالى كما قال: {وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ}، ونهاهما معًا، فظن آدم عليه السلام أنه يجوز لكل واحد منهما وحده أن يقرب من الشجرة، وأن يتناول منها؛ لأن قوله: {وَلَا تَقْرَبَا} نهيٌ لهما على الجمع، ولا يلزم من حصول النهي حال الاجتماع حصوله حال الانفراد ...» (٢).

وذهبوا إلى تكلفات لا تستقيم مع سياق الآيات بأي وجه من


(١) قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وإن قيل: إن آدم شهد الأمر الكوني القدري، وكان مطيعًا لله بامتثاله له، فهذا مع أنه معلوم بطلانه بالضرورة من دين الإسلام، فهو كفر باتفاق المسلمين». مجموع الفتاوى (٢/ ٣٢١)، وواضحٌ أن هذا قول أصحاب الكشف والذوق الذين سبق الحديث عنهم.
(٢) التفسير الكبير (٣/ ١٥). قال ابن القيم: «ونحن نقطع أن هذا التأويل لم يخطر بقلب آدم وحواء البتة، وهما كانا أعلم بالله من ذلك وأصح أفهامًا، أفترى فهم أحد من قول الله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ}، {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا}، ونظائره أي: إنما نهيتكم عن اجتماعكم على ذلك دون انفراد كل واحد منكم به؟ فيا للعجب من أوراق وقلوب تسود على هذه الهذيانات». مختصر الصواعق المرسلة (ص (٤٤)).

<<  <   >  >>