الوجوه، بل هم يتهمون السياق نفسه؛ كقولهم عن قصة داود:«والقصة مختلقة للحشوية؛ إذ لا يليق إدخال الذم الشنيع في أثناء المدائح العظام، بل تسوّر قومٌ قصْرَه للإيقاع به، فلما رأوه مستيقظًا اخترع أحدهم الخصومة، ونسبة الكذب إلى اللصوص أولى من نسبته إلى الملائكة»(١)!!.
ومن هذا ما ذكره وكرره (متولي الشعراوي) في أحاديثه الإذاعية، وهو أن نسبة الذنب إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما في قوله تعالى:{لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ} [الفتح: (٢)]. إنما هو باعتبار نظر قريش، أي: ذنبك عندهم، على أن الآية نزلت بعد الفتح حيث لم تعد قريش تعتبر النبي صلى الله عليه وسلم مذنبًا في حقها!!.
والحق: أنه ينبغي الترفع عن مناقشة مثل هذه الترهات والتكلفات.
وأصل الخطأ المنهجي في هذه المسألة وغيرها: هو حكيم القوانين العقلية في الأمور الاعتقادية، وصوغ القضايا الاعتقادية في القوالب العقلية الجامدة، فإنه لم يرِد في الكتاب والسنة نصًّا قاعدة عقلية كلية تقول:(إن كل نبي معصوم من كل ذنب).
وإنما هي قاعدة وضعها الكلاميون للرد على قاعدة عقلية أخرى وضعها منكرو النبوات، وهي (إذا جاز الذنب الواحد على النبي جاز
(١) المواقف (ص (٣٦٣)). يقال له: وإذا كان الحشوية اختلقوا شيئًا، فمن أين جئت أنت بحكاية اللصوص؟!.