هذا الوصف من وقائع كثيرة متوالية تقطع برسوخ هذه الصفة في نفسه، فتخلُّف هذه الصفة في موقف من المواقف لسبب من الأسباب غير مؤثر.
فمع الفارق في التشبيه؛ كيف يتوهم الأشاعرة إذن أن النبي لو أذنب لأصبح من حزب الشيطان، وممن صدّق عليهم إبليسُ ظنَّه، ولكان غير مخلص، ولا مجتبى، ولرُدّت شهادته، وحرم اتباعه، ووجب زجره .. إلى آخر ما سبق إيراده عنهم؟!!.
المهم: أن المسألة إذ حُررت من القوالب الكلامية الجامدة؛ تقبلها العقل السليم بلا اعتراض، ولا استغراب.
أما أن نضع قاعدة من عند أنفسنا، ثم نستقرئ النصوص، فنجد كثيرًا منها يخالفها، فنتعسف في تأويلها تعسفًا لا يقره دينٌ ولا عقل، ونحسب هذا دفاعًا عن مقام النبوة، ودفعًا لشبهات المنكرين، فهذا هو عين الخطأ والضلال.
فالله هو الذي عصمهم، وهو الذي شاء لهم أحيانًا أن يفعلوا ما يوجب عتابهم، أو توبتهم؛ لحِكَمٍ عظيمة أرادها هو، وليس لنا نحن البشر أن نعقِّب على حُكمه، أو نردّ بعض أمره ببعض.
وإذا علمت أن آدم، ونوحًا، وإبراهيم، ويوسف، وموسى، وداود، وسليمان، وذا النون، ومحمدًا صلى الله عليهم وسلم أجمعين، قد ثبت عنهم بصريح القرآن والسنة شيءٌ من ذلك، وبعضهم وقع له أكثرَ مِن مرة، عرفت مقدار الشطط الحاصل في إطلاق نفي ذلك عنهم، وكثرة ما يحتاج إلى تأويل من الآيات والأحاديث.