للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والثواب، والمدح والثناء، دون نقص وزيادة في التصديق» (١).

أي: أن الذي يزيد ويَنقُص هو الجزاء والثواب، والمدح والثناء.

وهذا أحد الآثار التعسفية لقولهم: إن الإيمان هو التصديق فقط، والكفر هو التكذيب فقط. بل بلغ الأمر بالجويني إلى أن يتحدث عن إيمان النبي صلى الله عليه وسلم نفسه بكلام غريب هذا نصه: «فإن قيل: أصْلُكم يُلزِمكم أن يكون إيمان منهمكٍ في فسقه كإيمان النبي صلى الله عليه وسلم؟.

قلنا: النبي صلى الله عليه وسلم يَفضًل من عداه باستمرار تصديقه، وعصمة الله إياه من مخامرة الشكوك، واختلاج الريب».

إلى أن يقول: «فيثبت للنبي صلى الله عليه وسلم أعدادٌ من التصديق، لا يثبت لغيره إلا بعضها، فيكون إيمانه بذلك أكثر» (٢).

ويقول الآمدي: «يصح القول بزيادة إيمان النبي المعصوم على إيمان غيره، أي من جهة تطرُّق الشك إلى غير المعصوم دون المعصوم، أما أن يكون من جهة تطرق الزيادة والنقصان إليه من حيث هو تصديق، فلا» (٣).

وهكذا يؤدي التأصيل الفاسد إلى التعسف في تفسير أعظم الحقائق، وليِّ أعناقها؛ لتوافق ما تقررّ مِن أصول، ولذلك لم يثبت لديهم من


(١) الإنصاف (ص٥٧)، وانظر رد الحافظ ابن حجر على ابن العربي الأشعري، وأصحابه في ذلك: فتح الباري ((١) / (٤٦)، (٤٨))، مع أنه رحمه الله أخطأ في قوله: إن الأعمال شرط كمال عند السلف. فهذا مما لم يرد عن أحد منهم قط.
(٢) الإرشاد (ص٤٠٠).
(٣) غاية المرام (ص٣١٣).

<<  <   >  >>