قال البغدادي في (أصول الدين): «قال أصحابنا: كل من اعتقد أركان الدين تقليدًا من غير معرفةٍ بأدلتها ننظر فيه: فإن اعتقد مع ذلك جواز ورود شبهة عليها وقال: لا آمن أن يَرِدَ عليها من الشبه ما يفسدها (؟). فهذا غير مؤمنٍ بالله ولا مطيع، بل هو كافر، وإن اعتقد الحق ولم يعرف دليله، واعتقد مع ذلك أنه ليس في الشبه ما يفسد اعتقاده، فهو الذي اختلف فيه أصحابنا:
فمنهم من قال: هو مؤمنٌ، وحكم الإسلام له لازمٌ، وهو مطيعٌ لله تعالى باعتقاده وسائر طاعاته، وإن كان عاصيًا بتركه النظر والاستدلال المؤدي إلى معرفة أدلة قواعد الدين.
قال: وبه نقول.
ومنهم من قال: إن معتقِد الحق قد خرج باعتقاده عن الكفر؛ لأن الكفر واعتقادَ الحق في التوحيد والنبوات ضدان لا يجتمعان، غير أنه لا يستحق اسم المؤمن إلا إذا عرف الحق - في حدوث العالم وتوحيد صانعه، وفي صحة النبوة - ببعض أدلته، سواءً أحسن صاحبها العبارة عن الدلالة، أو لم يحسنها.
وهذا اختيار الأشعري، وليس المعتقد للحق بالتقليد عنده مشركًا، ولا كافرًا، وإن لم يسمّه الإطلاق مؤمنًا» (١).
فالبغدادي كما ترى ينقل أن رأي الأشعري: هو أن العامي المقلد ليس كافرًا ولا مؤمنًا، فهي إذن المنزلة بين المنزلتين التي ذهب إليها?
(١) أصول الدين (ص٢٥٤ - ٢٥٥)، طبعة استانبول (١٣٤٦هـ).