للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المعتزلة، وفي هذا تصديق لما قاله أبو جعفر السمناني الذي نقلنا كلامه من قبل.

على أن تكفير العوام ليس هو اللازم الوحيد لهذا القول، بل ذلك ليشمل السلف أيضًا من الصحابة والتابعين؛ إذ إن إيمانهم لم يكن قطعًا على الكيفية التي رتبوها وقرروها، وحسْبُك تكفير أكمل الخلق إيمانًا دليلًا على بطلان هذا المذهب، وعلى قول من لم يكفِّر المقلد منهم، أليس الحكم بفسقهم وأنهم عاصون - كما في (المواقف) - أمرًا خطيرًا؟.

وهذا ما جعل بعض الأشاعرة - مثل السمناني السابق ذكره، وأبي المظفر ابن السمعاني، وأبي حامد الغزالي، ونحوهم - ينتقدون المذهب في هذه المسألة، وبعضهم - كالقرطبي - صرَّح بتكفير من جعل الشك أول واجب، ومن اعتقد كفر من لم يعرف الله على طريقته الكلامية (١).

وقد سبقت الإشارة إلى أن أبا حامد من أخفِّهم في المسألة؛ إذ نسبوا إليه أنه لا يرى النظر شرط صحة، بل شرط كمال (٢)، وقد اعترف في (الإحياء) بخطأ منهج أصحابه في القضية، ومما قاله: «فقس عقيدة


(١) انظر الفتح كتاب التوحيد (١٣/ ٣٤٩ - ٣٥٢). ومن ذلك أن ابن تومرت - تلميذ الغزالي - ألف (المرشدة) على هذا الاعتقاد، وقال: «يجب على كل أحدٍ أن يعتقدها». وقال بعض أتباعه: من لم يقرأها فهو كافر!. انظر مجموعة الفتاوى.
(٢) أم البراهين بشرح الدسوقي (ص٥٧).

<<  <   >  >>